Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 84-85)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية تُمثِّل نفس الموقف الذي مرَّ به فرعون لما أدركه الغرق { قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [ يونس : 90 ] فردَّ الله عليه { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [ يونس : 91 ] . يعني : لا ينفعك الآن إيمانك . إذن : هناك فترة لا يمكن الرجوع فيها من الكفر إلى الإيمان ، وهي ساعة يحيق به الموتُ ، إنما يقبل منه الإيمان وهو في سَعَة من أمره حين يؤمن وفي مكْنته ألاَّ يؤمن . كذلك هؤلاء { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا … } [ غافر : 84 ] أي : عذابنا حَلَّ بهم في الدنيا { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } [ غافر : 84 ] فهل هذا وقت يُقبَل منهم فيه إيمان ؟ يقرر الحق سبحانه : { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا … } [ غافر : 85 ] يعني : ما كان يصح في عُرْف العقل ، ولا في عرف الحق أن ينفعهم هذا الإيمان ، وكيف والآن لم تعُدْ لهم حيلة في أنْ يُصادموا منهج الله ولا قوةَ ، الآن ليؤمنوا ؟ ما كان ينبغي أبداً أن ينفعهم هذا الإيمان ، وهذا الإيمان بظنهم هم ، وإلا فهو إيمان باطل مردود ، ولا معنى له لأنه في غير وقته . وهذه { سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ … } [ غافر : 85 ] يعني : مضتْ { فِي عِبَادِهِ … } [ غافر : 85 ] وقد رأينا هذه السُّنة على مرِّ التاريخ ، فكما أخذ أقواماً بذنوبهم ، ولم يقبل منهم إيمانهم ساعةَ غرغرتهم ، أو ساعة نزول العذاب بهم ، كذلك أنتم ولن تتغير هذه السُّنة لأنها ثابتة { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } [ الأحزاب : 62 ] ، وستظل سُنةُ الله جارية على الخَلْق أجمعين . { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْكَافِرُونَ } [ غافر : 85 ] وهذا هو الأمر الطبيعي والنهاية التي يستحقونها .