Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 19-19)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه دعوى أخرى من دعاواهم وافتراءاتهم على الله ، وتأتي هذه الآية بعد أنْ نسبوا إلى الله الولد { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا … } [ الزخرف : 15 ] ثانياً نسبوا إلى الله البنات واستأثروا لأنفسهم بالبنين ، وقد أوضح الحق سبحانه فساد معتقداتهم وردَّ عليهم بالحجة وبالدليل من واقعهم المعاش . وهنا يصفون الملائكة الذين هم عباد الرحمن بالأنوثة وهذا افتراء آخر ، يردّ الله عليهم { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ … } [ الزخرف : 19 ] يعني : كيف يحكمون هذا الحكم على الملائكة ، أشهدوا خلق الملائكة وعلموا أنهم إناث ، ثم يهددهم { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } [ الزخرف : 19 ] ستُكتب وتُسجَّل عليهم ويُسألون عنها يوم القيامة ، ويُحاسبون على كل هذه الافتراءات . وفي موضع آخر يقول سبحانه { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } [ الكهف : 51 ] . وجاء الواقع ليثبت صدق هذه الآية ، ورأينا المضلين في كل زمان يُضلون الناس ويصرفونهم عن الحق ، بدايةً من الذين نسبوا لله الولد ، ونسبوا لله البنات ، ووصفوا الملائكة بأنهم إناثٌ إلى الذين قالوا بأن الإنسان أصله قرد وتطور . ونسأل كل هؤلاء : أشهدتُم خلق الله ؟ الله الخالق يقول : { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ } [ الكهف : 51 ] إذن : لا تُصدِّقوا هؤلاء فهم كذابون ومُضلون ، وقد سخرهم الله تعالى لخدمة الحق ، وجعلهم دليلاً على صدق كلامه . ومن هؤلاء المضلين قوم أنكروا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : نأخذ بما في القرآن فقط ولا نعترف بالسنة ، وقد جاءت هذه الجماعة دليلاً على صدق سيدنا رسول الله الذي أخبر بمجيئهم قبل أربعة عشر قرناً ، فقال صلى الله عليه وسلم : " يوشك رجل منكم يتكئ على أريكته يقول : بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال حللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه ، ألاَ وإنَّ ما قال رسول الله كما قال الله " .