Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 71-71)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الحديث هنا عن نعيم الجنة ، والصحاف : جمع صحفة وهي الطبق الواسع الذي تأكل فيه الأسرة كلها ، والأكبر منها قصعة ، والأكبر من القصعة جفنة ، لذلك ورد في الحديث الشريف أن رسول الله أخبر عن ابن جدعان أنه كان له جَفنة ، كبيرة حتى أنه كان يُستظلُّ بظلها من حَرِّ الشمس . وفي قصة سيدنا سليمان والجن الذي سخَّره الله لخدمته ، قال تعالى : { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ … } [ سبأ : 13 ] . كذلك في الجنة صحاف لكن من ذهب . { وَأَكْوَابٍ } [ الزخرف : 71 ] جمع كوب ، وهو إناء يُشرب فيه ليستْ له عُرْوة ، وهناك الأباريق جمع إبريق ، وهو إناء يُشرب فيه له عروة وفتحة من أعلى ، وهناك الكأس وهي الكوب إذا كان ملآناً بالشراب . { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ } [ الزخرف : 71 ] هذا وَصْف مُوجز للمتعدِّد الذي يطول المقام بذكر تفاصيله ، فالذي يُقدَّم في هذه الصحاف وفي هذه الأكواب مما تشتهيه الأنفسُ من الطعام والشراب ، هذا من حيث الطعم . { وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ } [ الزخرف : 71 ] يعني : لونه رائقٌ لك جميل في عينك ، مجرد النظر إليه فيه لذة ، فما بالك بطعمه ومذاقه ، لذلك حينما تستضيف مثلاً عزيزاً لديك تقول له : ماذا تحب أن تأكل ، لماذا ؟ لتصنع له ما يشتهيه وما تميل إليه نفسه . يعني : المسألة ليست حشو بطن فحسب . وتلحظ أنه ذكر الصِّحاف أولاً ، ثم الأكواب ، لأن الإنسانَ عادة يأكل ثم يشرب ، ففيها ترتيب للأهمية . وذكر لذة الأعين بالطعام ، لأنك تجد بالنظر إليه متعة ربما تفوق متعةَ الأكل ، لذلك قال تعالى في موضع آخر { ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ } [ الأنعام : 99 ] فجمع إلى لذة الطعام لذة النظر إليه . وقوله : { وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ الزخرف : 71 ] لأن هذه دارُ بقاء وخلود ، ليس فيها موت ، وليس فيها انقطاعٌ للنعمة فلا تفوتك النعمة ولا تفوتها ، يعني : لذة صافية لا ينغِّصها شيء ، كما قال تعالى : { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } [ الواقعة : 33 ] لأنها عطاء الله ، وعطاءُ الله دائمٌ لا ينقطع .