Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 85-85)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
كلمة { وَتَبَارَكَ } [ الزخرف : 85 ] كلمة جامدة لا اشتقاقَ فيها ، تعني : تعالى قَدْره وكَثُر عطاؤه . وتبارك من البركة يعني : كثرة الخير حيث يُعطيك القليلُ الكثيرَ الذي ما كنتَ تنتظره . وقوله سبحانه : { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } [ الزخرف : 85 ] وفي آية أخرى قال : { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ الحج : 64 ] يعني : له الظرف والمظروف . وفي سورة طه قال سبحانه : { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } [ طه : 6 ] . وهكذا استوعبتْ الآياتُ الكونَ كله ، وجعلته ملكاً لله تعالى ، الكون كله بسمائه وأرضه ، ما في السماء وما في الأرض ، وما بين السماء والأرض وما تحت الأرض كله مِلْك الله . وأخيراً عرفنا أن الخير كلَّه مطمورٌ تحت الثرى يُطلع اللهُ عباده عليه إذا شاء حَسْب تطور حياتهم ورُقيها ، ففي باطن الأرض الآن الماء والبترول والمعادن والأحجار الكريمة والأشياء النفيسة . وكأن الحق سبحانه ينبهنا بقوله { وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } [ طه : 6 ] إلى الاهتمام بباطن الأرض وحَفْرها ، والتنقيب فيها لاستخراج خيراتها . لذلك نرى علماء الجيولوجيا وعلماء الحفريات والبترول يجوبون البلاد من أقصاها إلى أقصاها بحثاً عن هذه الخيرات حتى في البحار ، لأنها تدخل في هذا المعنى ، فهي من الأرض وإنْ كانتْ تمثل ثلاثةَ أرباع الأرض . ثم يأتي قوله تعالى : { وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ الزخرف : 85 ] هكذا بأسلوب القصر في الموضعين ، حيث قدَّم الجار والمجرور ليفيد قصر علم الساعة على الله وحده دون سواه . كذلك { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ الزخرف : 85 ] إليه هو دون سواه ، لا ترجعون إلا إليه ، وكأنها رسالة موجزة إلى الإنسان أنْ تذكّر نهايتك وآخرتك ، وتذكَّر الجزاء على العمل ، ولا تغرنّك النعمة فبعدها حسابٌ وجزاء . { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ * إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } [ العلق : 6 - 8 ] فكلُّ شيء من الله وإلى الله : من الله خَلْقاً وإمداداً وتربيةً ، وإلى الله مرجعاً ومآباً .