Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 59-59)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَٱرْتَقِبْ … } [ الدخان : 59 ] يعني : انتظر { إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ } [ الدخان : 59 ] منتظرون ، فماذا ينتظر رسول الله ؟ وماذا ينتظر الكافرون ؟ رسول الله صاحبُ دعوة وهدى ، جاء بنور يهدي به هؤلاء القوم ، وهم مناهضون لدعوته يُناصبونه العداء ، ويريدون أنْ يُطفئوا هذا النور ، هو حريصٌ عليهم مُحب لهدايتهم رغم إيذائهم لهم وسخريتهم منه ، حتى إنه ليكاد أنْ يهلك نفسه في سبيل دعوته . لذلك كثيراً ما خاطبه ربه مُسلِّياً له مُخفِّفاً عنه ، يخبره { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ … } [ الشورى : 48 ] { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 3 ] . وقال : { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } [ الأنعام : 33 ] يعني : لا تحزن يا محمد لما يقولونه عنك ، لأنهم يحبونك ، ويُقدِّرونك ويعلمون صِدْقك ومكانتك ، فأنت عندهم أعلى من أن تكذبَ عليهم ، ولكن المسألة أنهم يجحدون بآياتي ، فالمسألة عندي أنا . كلمة { فَٱرْتَقِبْ … } [ الدخان : 59 ] جاءت في هذه السورة مرتين هنا ، وفي قوله سبحانه : { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } [ الدخان : 10 ] لما دعا رسول الله عليهم وقال : " اللهم اشْدُدْ وطأتك على مُضر ، واجعلها عليهم سنين كسِنيٍ يوسف " . فنزل بهم من القحط والجدب ما نزل حتى أكلوا الجيف والعِلْهز وضجّوا يدعون الله أنْ يكشف عنهم ، والله يعلم أنه لو كشف عنهم لَعادوا لما كانوا عليه من التكذيب لرسوله . لذلك خاطب الله رسوله بقوله : { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } [ غافر : 77 ] . فمعنى { فَٱرْتَقِبْ … } [ الدخان : 59 ] أي : انتظر ما يحلُّ بهم من العذاب لأنهم يرتقبون ما يُريحهم منك ويُخلِّصهم من دعوتك ، لذلك ربنا سبحانه وتعالى يُعلِّم رسوله كيف يجادلهم ، فيقول لهم : { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } [ التوبة : 52 ] . يعني : قَلْ لهم يا محمد : أنتم تتربصون بنا إحدى الحسنيين ، إما النصر عليكم ، وإما أنْ نموت شهداء ، فإن انتصرنا عليكم عَلا منهجُ الله وساد ، وإنْ متْنَا كنا شهداء أحياء عند ربنا نُرزق . ونَحن نتربَّص بكم أنْ يُصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ، إذن : نحن تربَّصنا بكم بشرٍّ لكم ، وأنتم تربصتم بنا بخير لنا .