Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 20-20)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كلمة { بَصَائِرُ … } [ الجاثية : 20 ] جمع بصيرة ، وهي ما يُوجد في وجدان الإنسان من نور الحق ، فالبصر يرى الماديات ، والبصيرة ترى المعنويات والقيم وتميزها . إذن : محلها القلب ، فهي نور يقذفه الله تعالى في قلب عبده ، نقول : فلان عنده بصيرة ، يعني : نظر ثاقب للأمور ، ويمكنه أنْ يتنبأ بالشيء فيأتي وفْقَ تنبؤه . والهدى أو الهداية أنْ تصلَ إلى الحق من أقرب طريق وأيسره عليك ، فليس في الهدى مشقَّة ، لذلك وصف اللهُ المؤمنين بقوله : { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ … } [ البقرة : 5 ] فهم على الهدى كأنه دابةٌ تحملهم إلى غايتهم ، وإلى مراد الحق منهم . { وَرَحْمَةٌ … } [ الجاثية : 20 ] هذه كلها أوصاف للقرآن الكريم ، فهو بصائر للناس وهو هدى وهو رحمة ، وفي آية أخرى قال سبحانه : { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ … } [ الإسراء : 82 ] . وقلنا : هناك فَرْق بين الشفاء والرحمة ، فالشفاء يعني وجودَ داءٍ يعالجه القرآن أو اعوجاج يُقوِّمه القرآن ويُصحِّح مساره ، فالقرآن يجبر ما فينا من نقص ، ومن تقصير ، ومن غفلة ، ومن انحراف ويُعدل مسارنا إلى الطريق الصحيح وإلى الحركة البناءة . مثل التلميذ حين ينصرف عن دروسه ، فإنه يرسب ويفشل فإنْ عاد إلى الصواب وذاكر ينجح كذلك ، فنحن إنْ غفلنا عن كتاب ربنا وعن منهجه أصابتنا الأمراض فإنْ عُدْنا إليه شفانا . أما الرحمة فتعني ألاَّ يأتي الداءُ أصلاً . وقوله سبحانه : { هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ الجاثية : 20 ] أي : أن هذا الأثر للقرآن لا يكون إلا للموقنين المؤمنين به وبصدقه ، وأنه هو المنهج الحق الذي يحوي النور والهداية والشفاء والرحمة .