Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 26-26)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : قُلْ لهم يا محمد { ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ … } [ الجاثية : 26 ] أي : في الدنيا { ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ … } [ الجاثية : 26 ] بعد البعث والنشور { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ … } [ الجاثية : 26 ] لا شكَّ فيه { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [ الجاثية : 26 ] فنفى عنهم العلم . إن علمهم قاصر عن أنْ يدرك حقائق الأمور ، فكما أن الخلق آية من آيات الله فكذلك الموت آية من آيات الله نراها ونلمسها كل يوم ، وما دُمْت تصدق بآية الخلق وآية الموت وتراهما ولا تشك فيهما . فحين نقول لك إن بعد هذه الحياة حياة أخرى فصدِّق ، لأن صاحب هذه الآيات واحد ، والمقدمات التي تحكم أنت بصدقها يجب أن تؤدي إلى نتيجة تحكم أيضاً بصدقها ، وها هي المقدمات بين يديك صادقة . { قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ … } [ الجاثية : 26 ] أي : يعطي المحي ما يُحييه قوة يؤدي بها المهمة المخلوق لها ، والإحياء الأول في آدم حين خلقه ربه وسوَّاه ونفخ فيه من روحه ثم أوجدنا نحن من ذريته . وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ … } [ البقرة : 28 ] . فكفركم لا حجةَ لكم فيه ولا منطق ، فقضية الإحياء من عدم والخلق قضية لا تحتمل الجدل ، فأين كان آدم قبل أن يخلقه الله ، وأين كنتم { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } [ الإنسان : 1 ] أي : لم يكن له وجود . فقضية الحياة والموت لا يمكن لأحد أن يجادل فيها ، فالله سبحانه وتعالى خلقنا من عدم ، ولم يدَّع أحد قط أنه خلق الناس أو خلق نفسه . وقوله تعالى { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ … } [ الجاثية : 26 ] فإن أحداً لا يشك في أنه سيموت ، فالموت مُقدَّر على الناس جميعاً ، والخَلْق من العدم واقع بالدليل ، والموت واقع بالحسِّ والمشاهدة . ولذلك فمن رحمة الله بالعقل البشري بالنسبة للأحداث الغيبية أن الله سبحانه قرَّبها لنا بشيء مشاهد … كيف ؟ فالحق تبارك وتعالى أخبرنا عن مرحلة في الخلق لم نشهدها ، ولكن الموت شيء مشهود لنا جميعاً . وما دام الموت مشهوداً لنا ، فالحق سبحانه يأتي به كدليل على مراحل الخلق التي لم نشهدها ، فالموت نقض للحياة . ثم يقول الحق سبحانه : { ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ … } [ الجاثية : 26 ] فالجمع هنا أي بعد البعث والإعادة والإحياء من الموت ، إنه يوم الجمع ، قال تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ … } [ الشورى : 7 ] أي : تُخوفهم من هذا اليوم وهو يوم القيامة ، والجمع في هذا اليوم يكون من عدة وجوه : البعث حيث يجمع بين الجسم والروح ، ويجمع الملائكة في الملأ الأعلى بالبشر ، ويجمع الظالم والمظلوم ، والتابع والمتبوع . يقول تعالى : { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } [ النساء : 87 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ … } .