Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 25-25)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كلمة { تُدَمِّرُ … } [ الأحقاف : 25 ] تهلك { كُلَّ شَيْءٍ … } [ الأحقاف : 25 ] يعني : لا تُبقي لهم شيئاً { بِأَمْرِ رَبِّهَا … } [ الأحقاف : 25 ] خالقها ومُجريها ، فهي لا تُهلك بطبيعتها إنما بأمر الله لها ، فبدل أنْ تأتيهم بالخير أتتهم بالشر ، فتحتاج هنا إلى أمر زائد من الله بأنْ تتحول إلى الشر ، وتُهلك بدل أنْ تعمِّر . ولا يملك هذا الأمر إلا الله ، ولا يُخرجها عن طبيعتها إلا خالقها سبحانه ، كما أخرج النار عن طبيعتها في قصة سيدنا إبراهيم ، فقال لها : { يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } [ الأنبياء : 69 ] . إذن : استجابتْ الريحُ لأمر ربها ، وأهلكتهم هلاكاً لم يُبْق لهم شيئا من متاعهم إلا بقايا بيوتهم { فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ … } [ الأحقاف : 25 ] ولماذا أبقتْ على مساكنهم ؟ قالوا : لتكون عبرة لغيرهم ، وأثراً من آثارهم الدَّالة عليهم وعلى نزول العذاب بهم ، وإنْ كانت هذه القرى مطمورة تحت الأرض ، لأنهم كما قلنا : كانوا في وادٍ من الرمال هو الأحقاف ، وهذه الرمال هي التي طمرتهم . قالوا : لما أراد اللهُ إهلاكهم وسلَّط عليهم الريح العاصف ، فأوَّل مَنْ رأى العذاب امرأةٌ منهم ، رأتْ بيتها يطير في الهواء مثل الطير . ولما فاجأهم العذاب دخلوا البيوت يحتمون بها من شدة العواصف ، فدخلتْ الريح وراءهم البيوت ، ودخلت عليهم الرمال حتى دفنتهم فيها ، ونفس الريح التي طمرتهم هي التي كشفتْ عنهم وأظهرتْ جيَفهم ليعتبر الناسُ بها ثم أُلقُوا في البحر . { كَذَلِكَ … } [ الأحقاف : 25 ] أي : بمثل هذا { نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الأحقاف : 25 ] فالجزاء ليس ظلماً ولا عدواناً ، إنما جزاء من جنس العمل ، فما استحقوا هذا العذاب إلا لأنهم مجرمون . أما الذين آمنوا بسيدنا هود وصدَّقوا دعوته فقد حصَّنهم من العذاب بأنْ خَطَّ حول مساكنهم خطاً ، وكأن لسانَ حاله يقول : يا ربّ هؤلاء هم المؤمنون بدعوتي ، فنجِّهم واحرسهم فنجّاهم الله . وقوله تعالى : { كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الأحقاف : 25 ] إنذار وتحذير لكفار قريش ، يعني : يا كفار قريش خُذُوا عبرة ممَّنْ كذّب الرسل قبلكم ، فهذا جزاء كلِّ كافر مخالف لمنهج الله مكذِّب لرسله ، وهذه هي الصورة أمامكم . ثم يُوجِّه الخطاب إليهم : { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ … } .