Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 9-9)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { ذَلِكَ … } [ محمد : 9 ] إشارة إلى ما تقدم من جزاء الكافرين من التعش وإحباط الأعمال : { بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ … } [ محمد : 9 ] هذا سبب إحباط الأعمال . لكن لماذا كرهوا ما أنزل الله ؟ كرهوا ما أنزل الله ، لأن منهج الله سيسحب بساط السيادة والجبروت من تحت أقدامهم ، سيُسوِّي بينهم وبين عبيدهم بعد أنْ ألفوا السيادة والمكانة بل والتسلط على الخَلْق ، لذلك كرهوا الحق لما جاءهم به رسول الله . ولما ذهب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، كانوا يجهزون عبد الله بن أُبي ليتوِّجوه ملكاً على المدينة فلما وصل رسول الله انفضَّ عنه القوم وشُغلوا بمقدم رسول الله ، وظلت هذه في نفس عبد الله واستمر في عدائه للرسول حتى بعد أنْ أعلن إسلامه لم يخلص فيه وكان منافقاً مشهوراً نفاقه . ومع ذلك له ابن أسلم وحَسُن إسلامه وصحب رسول الله ، فلما علم أن رسول الله أمر بقتل هذا المنافق جاء لرسول الله ، وطلب منه أنْ يأذن له في قتله حتى لا يقتله رجلٌ آخر من الصحابة ، فيجد في نفسه شيئاً منه ، فلما قال هذا أبي رسول الله إلا أنْ يرحمه ، وأنْ يُعفيه من هذا فقال : لا تقتلوه وأرجئوه إلى الله . وقوله : { فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } [ محمد : 9 ] قلنا : أبطلها ، إما أعمالهم وتدبيرهم وكيدهم للمسلمين بأن انتصر المسلمون عليهم وجعل الله كيدهم في نحورهم . أو : أحبط أعمالهم الصالحة لأنهم ما ابتغوا بها وجه الله . ومعلوم أنه كان من هؤلاء مَن له أعمال صالحة لها وزنها في مجتمعهم ، فيُروى أن ابن جدعان والمطعم بن عدي كانت لهما قدور للطعام يمكن أنْ يستظل الرجل بظلها ، فكانت لهم مآثر في الكرم والشجاعة وإغاثة الملهوف وغير ذلك ، لكن ما فعلوا هذا لله فذهب هباءً .