Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 109-109)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وينبهنا الحق سبحانه هنا إلى ضرورة أن نستعد لليوم الذي يجمع الله فيه الرسل يوم الحساب ، أي أننا علينا أن نراعي الالتزام في تكاليف المكلف الأعلى في كل عمل من أعمال الحياة لأنه سبحانه سوف يسأل الرسل في ذلك اليوم : { مَاذَآ أُجِبْتُمْ } ؟ أي كيف استجاب الناس إلى المنهج الذي دعوتم إليه ؟ وفي هذا تقريع لمن خالف الرسل . ونعلم أن الحق سبحانه وتعالى قد قال : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [ النساء : 41 ] . ونعلم - كذلك - أن يوم المشهد الأعظم سيأتي رسولنا - صلى الله عليه وسلم - شهيداً على أمته وعلى كل الرسل السابقين عليه ، ومثال ذلك في حياتنا - ولله المثل الأعلى - نجد الأهل ينتظرون الابن على باب لجنة الامتحان ويسألونه : كيف أجبت ؟ . إن الأهل يطلبون من الابن أن يعطيهم تقدير الموقف إجمالياً . أما إن سألوه بماذا أجبت ؟ فمعنى هذا أنهم يطلبون منه أن يحكي لهم ماذا أجاب تفصيلياً عن كل سؤال . وسؤال الحق لرسله : { مَاذَآ أُجِبْتُمْ } في الظاهر هذا سؤال للرسل ، وفي الحق إنه للمخالفين ، وكأن هذا تقريع لمن لم يؤمنوا برسالات الرسل ، ذلك أن مهمة الرسل هي البلاغ عن الله . وبماذا يجيب الرسل يؤمئذ عن الله ؟ هم يجيبون الإجابة الدقيقة المتضمنة لكل أدب الإيمان : { لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } ونجد من يتساءل : كيف - إذن - يقولون : { لاَ عِلْمَ لَنَآ } على الرغم من أن هناك من استجاب لدعوتهم ومن لم يستجب لها ؟ ونقول : لأن الآخرة فيها حساب على نوايا القلوب والسرائر ، لقد علم الرسل بالأمور العلنية من أقوال وسلوك ، ولكن الحق يحاسب على حسب النية والسلوك ، وهو سبحانه الأعلم بالسرائر وما تخفي الضمائر ، وأيضاً فالأنبياء قد علموا الذين آمنوا بالمنهج وكانوا معاصرين لهم ، ولكن ليس لهم علم بمن كفر أو آمن بعد أزمنتهم ، وإجابة الرسل هي قمة الأدب مع الله ، ذلك لأن كلا منهم قد علم أن معرفة الله شاملة وعلمه قد وسع كل شيء ، ولذلك جاء قولهم : { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } . ويقول الحق من بعد ذلك : { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى … } .