Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 28-29)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الحق سبحانه وتعالى يُنهي هذا الحوار وهذه الخصومة بين الضال والمضل ، وينهي هذه المعركة ويقول لهما { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ … } [ ق : 28 ] لأن الخصومة لا تنفعكم الآن فلا يلقي كُلٌّ منكم بالمسئولية على الآخر ، فأنا أعلم بكم ، أعلم بالذنب وبالمذنب ، بالضال والمضل . فلا فائدة إذن من هذه الخصومة { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } [ ق : 28 ] أي : قدمتُ لكم الوعيد في الدنيا وبيَّنتُ لكم المنهج والحلال والحرام ، والجزاء عليه في الجنة أو في النار . { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ … } [ ق : 29 ] يعني : تخاصمكم الآن لن يغير شيئاً فيما قضيته ، ولن أرجع في كلامي ، والمراد قوله تعالى : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } [ ق : 24 ] . وهذا قطع للعشم والرجاء وتيئيس لهم من رحمة الله { وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } [ ق : 29 ] يعني : قضائي حَقّ وعدل تحكمه حكمة لا جبروت وظلم . فهذه المدافعة وهذه المخاصمة بينكم لن تشفع لأحد منكم . وقوله تعالى : { وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } [ ق : 29 ] كلمة ظلام صيغة مبالغة من ظالم ، فقولنا : فلان ظلام يعني أنه من باب أوْلى ظالم لكن في النفي ، فنَفْي ظلام لا تنفي ظالم . إذن : فقوله تعالى { وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } [ ق : 29 ] نفتْ ظلاَّم لكن لم تنْفِ ظالم ، فهل يعني هذا إثبات صفة ظالم لله تعالى ؟ نقول : قد تكون المبالغة في تكرار الحدث ، فحين نقول مثلاً فلان أكول قد يكون لا يأكل كثيراً ، إنما يأكل رغيفاً واحداً لكن يأكل عدة مرات في اليوم . كذلك هنا الحق سبحانه لا يتحدث عن واحد ، إنما عن الناس جميعاً عن العبيد كلهم ، وعلى هذا المعنى يكون نَفْي ظلام نفياً لظالم أيضاً . وقد يكون المقصود نفي الحدث نفسه ، لأن الظلم قدرة ظالم على مظلوم ، إذن : فالظلم يتناسب قوةً وضعفاً مع قوة الظالم ، فلو فرضنا أن الحق سبحانه وتعالى يُوصف بالظلم ، تعالى الله عن ذلك - لكن ظلمه قوياً شديداً ، فنقول : ظلام لا ظالم .