Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 35-36)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحق سبحانه وتعالى يسوق لهم البراهين العقلية التي تثبت صدق رسوله في البلاغ عن الله ، ويتعجب من فعلهم ، وكيف يكفرون بالله ويعاندون دعوة رسوله . لذلك يسأل : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ … } [ الطور : 35 ] كيف والخَلق إيجاد من عدم ، فهل جاءوا إلى الكون هكذا دون خالق ؟ والعقل يقول : إنه لا يمكن أنْ يوجد شيء إلا بموجد حتى في أتفه الأشياء . في هذا الكوب الذي نشرب فيه الآن كوب كريستال شفاف بعد أنْ كنَّا نشرب في الصاج أو الفخار ، هل يعقل أن نقول إن هذا الكوب وُجِد هكذا بدون مُوجد ؟ إذن : لابد لهذا الخَلْق من خالق . ثم ينتقل إلى جزئية أخرى في مسألة الخلق : { أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } [ الطور : 35 ] أي : الخالقون لهذا الخَلْق ، وفي موضع آخر قال تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ … } [ الزخرف : 87 ] . نعم لا يستطيعون أنْ يقولوا غير هذا ، لأن الإنسان طرأ على كون بديع فيه شمس وقمر ونجوم وأرض وماء وهواء وسماء وجبال ، فكيف يقول : أنا الذي خلقته وهو أقدم منه ، ولا يستطيع أنْ يقول خلقتُ نفسي ، ولو قالها فمن الذي خلق أباك وسلسلها إلى أن تصل إلى آدم عليه السلام . إذن : هذا التسلسل المنطقي لا بدَّ أنْ يصل بنا إلى خالق خلق ولم يُخلق ، هو الحق سبحانه وتعالى . لذلك قال بعدها : { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ } [ الطور : 36 ] فإذا لم يستطيعوا خَلْق أنفسهم فهم من باب أَوْلى ما خلقوا السماوات والأرض . وسبق أن قلنا : إن مسألة الخَلْق هذه لم يدَّعها أحد لنفسه ، والقضية تسلم لمن ادعاها إلى أنْ يظهر له معارض ، ولم يقُلْ أحد أنه خلق السماوات والأرض .