Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 16-17)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معنى { يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ … } [ النجم : 16 ] يغطيها أو يحيط بها ويسترها ، وما تفيد الكثرة والشيء العظيم المستحق للتعجب ، فسدرة المنتهى يغشاها الكثير من المخلوقات العجيبة التي لا يعلمها إلا الله . فهي كما في قوله تعالى قبلها { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } [ النجم : 10 ] أي : أوحى إليه بأمور كثيرة عظيمة وعجيبة ، وكما تقول أكرمته ما أكرمته . وقد ورد من هذه المخلوقات العجيبة حول سدرة المنتهى أشكالٌ وألوانٌ عجيبة من الطيور ، وإذا كنا نرى الكثير من عجائب الخَلْق في الطيور في الأرض وما لها من أشكال جميلة نضعها للزينة في أقفاص في البيوت وما لها من أصوات ، فما بالك بطيور جعلها الله حول هذه السدرة في السماء ؟ وذكر أيضاً جراد من ذهب ، ولجراد الذهب هذا قصة مع سيدنا داود عليه السلام . " فيُروى أنه كان يجلس على سطح منزله يعبد الله ويناجيه ، وذات يوم رأى جراداً من ذهب يُحلِّق فوقه ، ففرض له ثوبه ، فصار الجراد يقع فيه فيأخذه داود ، فقال الله له : يا داود ألم أُغْنِكَ ؟ قال : بلى يا رب لكن لا غِنَى لي عن فضلك " . وقوله سبحانه : { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } [ النجم : 17 ] أي : ما زاغ بصر سيدنا رسول الله في هذه الرحلة ، وزَاغ فِعْل بمعنى مال عن القصد ، وزاغ تعطي معنى راغ التي وردت في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام : { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } [ الذاريات : 26 ] أي : مال إلى أهله مَيْلاً خفياً لا يدركه الحاضرون . والفرق بينهما النقطة على الزاي ، لكن المعنى واحد وقريب منه ، قولنا : فلان زوغ . أي : خرج خُفْية بحيث لا يشعر أحد به ، وقريبٌ من هذا المعنى أيضاً قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً … } [ النور : 63 ] أي : يتسللون خُفْية . وقوله بعدها : { وَمَا طَغَىٰ } [ النجم : 17 ] ما طغى بصره ولا تجاوز الحدَّ في الرؤية وما مدَّه لغير غايته ، وهنا نتعلم الأدب في النظرة ، وكيف تكون في حدود المسموح به ، كالضيف يدخل بيتك في وجود أهلك وبناتك فلا تمتد عينه ليرى ما لا يجوز له رؤيته .