Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 47-49)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني : لا تظن أن الدنيا هي نهاية المطاف ، فالذي أنشأكم هذه النشأة في الدنيا قادر على إعادتكم في نشأة أخرى يوم القيامة ، كما قال سبحانه في موضع آخر : { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ ق : 15 ] . والخَلْق الجديد سيكون في الآخرة حين يبعث اللهُ الموتى ، والذي خلق بداية من عدم قادر من باب أوْلَى على الإعادة من بقايا الخَلْق الأول ، لذلك قال سبحانه : { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } [ ق : 4 ] . { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ } [ النجم : 48 ] لاحظ هنا التخصيص والتأكيد بإعادة الضمير المنفصل بعد الضمير المتصل ، وهذا يدلنا على أن مسألة الرزق والغنى والفقر لله وحده لا دخْلَ لأحد فيها ، فهو وحده سبحانه الذي يسوق الأرزاق ، ويجعل هذا غنياً وهذا فقيراً . إذن : لما وُجدت الشبهة في أن أحداً يشارك الله في هذه المسألة جاءت الآية بهذا الأسلوب ، ألا ترى للآية قبلها { وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ } [ النجم : 47 ] هذكا بدون هو لأن مسألة النشاة الأخرى ليس فيها شبهة المشاركة . معنى { أَغْنَىٰ … } [ النجم : 48 ] أغناك أيها العبد بما ملكه لك عما في يد غيرك ، فالغنى إذن كلّ ما أغناك عن الناس من مال أو قوة أو غيره { وَأَقْنَىٰ } [ النجم : 48 ] أقنعك وأرضاك بما عندك مهما كان قليلاً . وكثيراً ما نرى أناساً ضُيِّق عليهم الرزق ، ومع ذلك تراهم راضين بقسم الله ، بل سعداء به ، وربما كانوا أحسن حالاً من الأغنياء ، إذن : هذا عطاء وهذا أيضاً عطاء ، فالقناعة والرضا تساوي الغنى وسعة العيش . ومن ذلك قالوا : " القناعة كنز لا يفنى " في حين أن كنز المال ربما يفنى ، فالغنى الحقيقي إذن في النفس ليس في العرض . وقالوا { وَأَقْنَىٰ } [ النجم : 48 ] من القنية أي : ما يقتنيه الإنسان من المتاع والأثاث ونحوه . { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ } [ النجم : 49 ] الشِّعْرى كوكب من الكواكب ، قالوا : إنه من الضخامة بحيث يسع مليون شمس مثل هذه الشمس ، وأنه لو اقترب من الأرض لاحترقتْ ، فكأنه يمد الشمس بالحرارة وهي تمدنا ، فلا نأخذ منها مباشرة مثل التيار الكهربائي . فلو أخذنا للبيوت من التيار العالي في الأكشاك لاحترقتْ الأجهزة والمصابيح في البيت ، لأن الضعيف لا يستطيع أنْ يستقبل من القوي مباشرة ، بل لا بدّ من المنظم أو الترانس ، وهكذا تكون الشمس بالنسبة للشعرى .