Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 121-121)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهنا يسمى الحق ما لم يذكر اسم الله عليه بـ " الفسق " وهو ما تشرحه الآية الأخرى وتبرزه باسم مخصوص : { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ … } [ الأنعام : 145 ] . إذن فـ " فسقاً " معطوفة على الميتة والدم المسفوح ولحم خنزير ، لكنه سبحانه فصل بين المعطوف وهو " فسقاً " والمعطوف عليه بحكم يختص بالمعطوف عليه ، وهذا الحكم هو الرجس وهكذا أخذت الثلاثة المحرمات حكم الرجس . وعطف عليها ما ذبح عليه اسم غير الله كالأصنام وهو قد جمع بين الرجس والفسق . ويقول الحق : { وإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ } وسبحانه يريد أن يبين لنا أن الفطرة السليمة التي لا يميلها هوى تصل إلى حقائق الخير ، ولذلك نجد أن الذين يحثون ويحض بعضهم بعضاً على الشرّ ويُعلم بعضهم بخفاء إنما يأخذون مقام الشيطان بالوسوسة والتحريض على العصيان والكفر لأن المسألة الفطرية تأبى هذا ، وحين يرتكب إنسان موبقة من الموبقات ، إنما يلف لها ويتحايل ليصل إلى ارتكاب الموبقة ، وقد يوحي بذلك إلى غيره ، فيدله على الفساد . ويكون بذلك في مقام الشياطين الذين يوحون إلى أوليائهم بإعلام خفي لأن الفطرة السليمة تأبى الأشياء الشريرة وتقف أيضاً فيها ، ولا يجعلها تتقدم إلى الشر إلى الهوى ، فإذا ما أراد شيطان من الإنس أو شيطان من الجن أن يُزيِّن للناس فعلاً فهو لا يعلن ذلك مباشرة . إنما يلف ويدور بكلام ملفوف مزين . { وَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [ الأنعام : 121 ] وفي ذلك إشارة إلى قول المشركين : تأكلون ما قتلتم أنتم ولا تأكلون ما قتل الله وأنتم أولى أن تأكلوا مما قتل الله . { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [ الأنعام : 121 ] . وكأن مجرد الطاعة لهؤلاء المشركين لون من الشرك لأن معنى العبادة امتثال وائتمار عابد لمعبود أمراً ونهياً ، فإذا أخذت أمراً من غير الله فإنه يخرج بك عن صلب وقلب منهجه سبحانه وبذلك تكون قد أشركت به . ويقول الحق بعد ذلك : { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ … } .