Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 140-140)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وجْه الخسران أنهم لم يلتفتوا إلى أن الله يرزقهم ويرزق أبناءهم أيضاً ، ولعلك أيها الأب قتلت ولداً ، كنت ستعيش أنت في رحاب رزقه ، وكثيراً ما يكون البعض من الأولاد صاحب رزق وفير ، ويقال عن مثل هذا الابن : إن وجهه وجه الخير والسعد والبركة ، فمن يوم أن وُلد ولد معه الخير ، وذلك حتى لا يتأبى الإنسان على عطاء الله لأنك حين تتأبى على عطاء الله تحرم نفسك العطاء فيما تظنه غير عطاء ، وهذا خسران كبير . إننا نلحظ أن العرب كانوا في بيئة تستجيب وتلبي الصريخ ، فساعة يصرخ من في شدة نزلت به واستنجد ، يجد من ينقذه ، والأولى بالنجدة أهل الرجل وأولاده . والمثال على ذلك ما حدث من جَدْ رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما ذهب ليحفر البئر ، وجاءت قريش ووقفت له حتى لا يحفر . فقال : لو أن لي عشرة أبناء سأضحي بواحد منهم . إذن فكثرة الأولاد في هذه المسائل تعطي العزوة وتكثر الصريخ ، ولا يفعل ذلك إلا المفطور على النجدة . وإن قتلت ابناً خوفاً من الفقر فقد تخسر رزقاً قد يكون في طي من تقتل من الذرية ، وفوق ذلك تفقد مباهج الشأن أو العزوة أو الآل . أو على الأقل أنهم قد خسروا لأنهم عاكسوا مرادات الله في الإيجاد بالإنجاب . { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ … } [ الأنعام : 140 ] . و { سَفَهاً } تعني طيشاً ، وحمقاً ، وجهلاً . { وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } [ الأنعام : 140 ] . وهم حين يحرمون على أنفسهم ما رزقهم الله من الأنعام ، فهم أهل حمق وضلال وخسران فلو تركوها لانتفعوا منها في حمل أثقالهم أو فيما تدره من لبن ، أو في أكل لحمها . إنهم بحمقهم وجهلهم قد خسروا كثيراً ، وهم مع ذلك فعلوا ما فعلوا بكذب متعمد على الله ، وهم قد ضلوا ولم يكونوا أهلاً للهداية ، وكان يكفي أن يصفهم بقوله : { قَدْ ضَلُّواْ } لكنه أضاف : { وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } لأن الضلال هو عدم الذهاب إلى المقصد الموصل للغاية ، وقد يكون ذلك عن جهل بالطريق ، لكن الحق سبحانه رسم لهم طريق الحق فآثروا الذهاب إلى الضلال مع وجود طريق الحق . ويقول سبحانه بعد ذلك : { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ … } .