Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 36-36)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

و " يستجيب " معناها أنهم يطيعون أمر الآمر ونهي الناهي . وهناك فارق بين " الاستجابة " و " الإجابة " فـ " الاستجابة " هي : أن يجيبك من طلبت منه إلى ما طلبت ويحققه لك ، و " الإجابة " هي : أن يجيبك من سألت ولو بالرفض لما تقول ، وقد يكون الجواب ضد مطلوب ما سألت . ويقول الحق : { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ } أي أن الذين يستجيبون لنداء الحق هم الذين يسمعون بآذانهم وقلوبهم مصدقة لأن هناك فارقاً بين سماع ظاهره سماع وباطنه انصراف ، وبين سماع ظاهره طاعة وباطنه محبة لهذه الطاعة . ونعلم أن استقبال المسموع شيء ، وانفعال الإنسان بالمسموع شيء آخر . وعندما يتحد حسن الاستماع مع انفعال الحب لتنفيذ ما سمعه الإنسان فهذا ما يطلبه الإيمان . والمؤمنون هم الذين يستمعون لكلمات الله بانفعال الحب ، وهم يختلفون عن هؤلاء الذين يسمعون الكلام من أذن ويخرجونه من الأذن الأخرى ، ويتركون الكلمات بلا تطبيق ، ولا يبقى في النفس الواعية من آثار الكلام شيء . وهكذا نرى أن الله قد صنع وخلق في الإنسان من الحواس ما تهديه وترشده إلى الإيمان أو إلى الكفر فالأذن عند المؤمن تسمع ، والقلب يصدق ، والعقل يمحص ويؤمن . أما الكافر فأذنه تسمع وقلبه يعارض ، وعقله يبحث في أسباب الكفر رغبة فيه وسعيًا إليه ، ولذلك لا تؤدي حواسه مهامها بانسجام ، وكأن الذين يسمعون ولا يستجيبون هم من الموتى . فالأمر - إذن - ليس مقصوراً على السمع بل المطلوب أن يكون هناك سماع انفعال بالمسموع وانصياع له ، ولا تظن أن الله يعجز عن أن يجعل الذي لا يسمع سماع طاعة يهتدي ويستقيم ، فلا شيء ولا كائن يتأبى على الله لأنه سبحانه يحيي الموتى . وما دام هو سبحانه يحيي الموتى فهو لا يتطلب إيمانا جبرياً . إنما يطلب إيمان الاختيار والاقتناع ، وهو سبحانه لو شاء لأنزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ، وسبحانه يطلب قلوباً لا قوالب . إذن فالذين يستجيبون لداعي الإيمان هم الأحياء حقاً ، أما الذين لا يستجيبون فهم في حكم الأموات ، وهم من بعد موتهم وانتهاء حياتهم سيبعثهم الله ليسألهم عن أفعالهم في الحياة الدنيا . وعندما يرجعون إلى الله سوف يجدون الحساب . ونعلم أن المرجع أخيراً ودائماً إلى الله . ومن يرجع إلى الله وعمله طيب يتعجل الجزاء الطيب ويتشوق ويتشوف إليه ، أما من يرجعه الله قَهْراً فهو يخشى الجزاء الأليم . ويقول الحق بعد ذلك : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ … } .