Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 58-58)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا بلاغ من رسول الله لكل الخلق بأن أحداث الكون إنما يجريها الحق بإرادته وبمواقيت لا يعلمها إلا هو سبحانه ، وهو - جل وعلا - الذي يأذن بها … أي قل لهم أيها النبي : لو كان في قدرتي وإمكاني ما تستعجلون به من العذاب لانتهى الأمر بيني وبينكم ولأهلكتكم بعقاب وعذاب عاجل غضبا لربي وسخطا عليكم من تكذيبكم به - سبحانه - ولتخلصت منكم سريعا ، لكن الأمر ليس لي ، إنه إلى الله الحكيم الذي يعلم ما يستحقه الظالمون . ويقول - سبحانه - في موضع آخر من القرآن الكريم : { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } [ هود : 8 ] . وحكمة الله - إذن - هي التي اقتضت تأجيل العذاب إلى وقت يحدده الله ، وفي هذا ما يجعل بعضاً من الكافرين يجترئون على الله ويوغلون في الكفر ويقولون : ما الذي يمنع عنا العذاب ؟ إنهم يقولون ذلك استهزاءً وسخرية ، ولا يعلمون أن العذاب آت حتماً ولا خلاص لهم منه لأن الله صادق في وعده ووعيده وسيأتيهم العذاب لأنهم استهزأوا وسخروا فلا مناص لهم عنه ولا مهرب لهم منه . وفي موقع آخر يقول الحق : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ * يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ العنكبوت : 53 - 55 ] . وهكذا نرى تحدي الكفار لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتيهم بالعذاب ، لكنه تحدٍ مردود عليه بأن الحق هو الذي يقرر ميلاد كل أمر ولسوف يأتيهم العذاب فجأة ، وهو واقع لا محالة وإن جهنم ستحيط بهم ، وسيغمرهم العذاب من أعلاهم ومن أسفلهم ، ويسمعون صوت الملك الموكل بعذابهم : ذوقوا عذاباً أنكرتموه وهو جزاء أعمالكم . ويقول الحق من بعد ذلك : { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ … } .