Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 46-46)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحجاب موجود بين أصحاب الجنة وأصحاب النار ، وهم يتراءون من خلاله ، وبيّنه الحق سبحانه فقال : { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } [ الحديد : 13 ] . باطن هذا الحجاب الرحمة من ناحية أهل الجنة ، وظاهره المواجه لأهل النار فيه العذاب ، والحق هو القادر على كل شيء لذلك لا ينال أهل الجنة شيء من شقاء أهل النار ، ولا ينال أهل النار شيء من نعيم أهل الجنة ، ويسمع أهل النار رداً على طمعهم في أن ينالهم بعض من نور أهل الجنة ، إنكم تلتمسون الهدى في غير موطن الهدى فزمن التكليف قد انتهى ، ومن كان يرغب في نور الآخرة كان عليه أن يعمل من أجله في الدنيا ، فهذا النور ليس هبة من خلق لخلق ، وإنما هو هبة من خالق لمخلوق آمن به . وأنتم تقولون : انظرونا نقتبس من نوركم ، وليس في مقدور أهل الجنة أن يعطوا شيئاً من نور أهل الجنة فالعطاء حينئذ لله . { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ … } [ الأعراف : 46 ] . و { كُلاًّ } المعنيّ بها أصحاب الجنة وأصحاب النار ، فقد تقدم عندنا فريقان أصحاب الجنة ، وأصحاب النار وهناك فريق ثالث هم الذين على الأعراف ، و " الأعراف " جمع " عُرف " مأخوذ من عرف الديك وهو أعلى شيء فيه ، وكذلك عرف الفرس . كأن بين الجنة مكاناً مرتفعاً كالعرف يقف عليه أناس يعرفون أصحاب النار بسيماهم ، ويعرفون أصحاب الجنة بسيماهم ، فكأن من ضمن السمات والعلامات ما يميز أهل النار عن أهل الجنة . وكيف توجد هذه السمات ؟ يقال إن الإنسان ساعة يؤمن يصير أهلاً لاستقبال سمات الإيمان ، وكلما دخل في منهج الله طاعة واستجابة أعطاه الله سمة جمالية تصير أصيلة فيه تلازمه ولا تفارقه . وبالعكس من ذلك أصحاب النار فتبتعد عنهم سمات الجلال والجمال وتحل محلها سمات القبح والشناعة والبشاعة . وإذا ما رأى أهل الأعراف أصحاب الجنة يقولون : سلام عليكم لأن الأدنى منزلة - أصحاب الأعراف - يقول للأعلى - أصحاب الجنة - سلام عليكم . وجماعة الأعراف هم من تساوت سيئاتهم مع حسناتهم في ميزان العدل الإلهي الذي لا يظلم أحداً مثقال ذرة . { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } [ القارعة : 6 - 9 ] . ويا رب لقد ذكرت الميزان ، وحين قدرت الموزون لهم لم تذكر لنا إلا فريقين اثنين … فريقاً ثقلت موازينه ، وفريقاً خفت موازينه ، ومنتهى المنطق في القياس الموازيني أن يوجد فريق ثالث هم الذين تتساوى سيئاتهم مع حسناتهم ، فلم تثقل موازينهم فيدخلوا الجنة ، ولم تخف موازينهم فيدخلوا النار ، وهؤلاء هم من تعرض أعمالهم على " لجنة الرحمة " فيجلسون على الأعراف . ومن العجيب أنهم حين يشاهدون أهل الجنة يقولون لهم سلام عليكم على الرغم من أنهم لم يدخلوا ، ولكنهم يطمعون في أن يدخلوا ، لأن رحمة الله سبقت غضبه . { ونَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } [ الأعراف : 46 ] . وبطبيعة الحال ليس في هذا المكان غش ولا خداع . وماذا حين ينظرون إلى أهل النار ؟