Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 12-12)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والمولى سبحانه وتعالى هنا يبين أنه أوحى إلى الملائكة بالإلهام : أني معكم بالنصر والتأييد { فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } . أي قوُّوا عزائم المؤمنين وثبتوا قلوبهم . أي اجعلوا قلوبهم كأنها مربوطة عليها فلا يخافون أية أغيار من عدوهم ، ويزيد الإيضاح للمؤمنين : إياكم أن تظنوا أن كثرةَ العدَدِ أو قوةَ العُدَدِ هي التي تصنع النصر . بل النصرُ دائماً من عند الله تعالى وسبحانه القائل : { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ ٱللَّهِ … } [ البقرة : 249 ] . وذلك لأن النسبة بين المؤمنين والكافرين غير متوازنة وتحتاج إلى مدد عال من الله تعالى . وقلنا إن السماء تتدخل إذا كان الأمر فوق أسباب الخلق ، ولذلك يقول سبحانه وتعالى : { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ … } [ النمل : 62 ] . وإن قال قائل : أنا أدعو الله أكثر من مرة ولا يجيبني … نرد عليه ونقول له : أنت لم تدع دعوة المضطر ، بل دعوت دعوة المترف ، مثلما يدعو ساكن في شقة بأن يرزقه الله بقصرٍ صغير . أو يدعو من يسير على أقدامه وتحمله سيارة العمل طالباً سيارة خاصة ، أو يدعو من يملك " تليفزيونا " بأن يهبه الله جهاز " فيديو " ، هذه كلها ليست دعوة اضطرار لأن المضطر هو من فقد أسبابه . ويتابع الحق القول في ذات الآية : { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } [ الأنفال : 12 ] . وإذا ألقى الله عز وجل الرعب والخوف في قلوب العدو مهما كان عَدَدُه ومهما كانت عُدَدُه ، فسيترك هذا العدو كل ما معه ويفر من حالة الرعب والفزع ، وقد فعل بعض من الكفار ذلك . وقد امتنَّ الله سبحانه وتعالى على المؤمنين بأن أمدهم بالملائكة بشرى واطمئناناً ، وهيأ لهم الماء ، وطهرهم ، وأذهب عنهم رجز الشيطان ، وكل هذه مقدمات المعركة مستوفاة من جانب الحق تبارك وتعالى إمداداً لكم ، وما عليكم أيها المؤمنون سوى أن تُقبلوا على المعركة بعزيمة صادقة ، عزيمة المقاتل الشجاع المحارب الذي له من العقل ما يفكر به ويدبر في التخطيط ، وفي الكر والفر . وكانت أدوات القتال قديماً هي السيوف والرماح والنبال ، وكان المقاتل يحتاج رأسه ليخطط به ، ويحتاج يديه وأنامله ليمسك بها السيف ، ولذلك ينبه الحق المؤمنين إلى هاتين النقطتين المؤثرتين فيقول : { فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } . والضرب لما فوق الأعناق هو ضرب الرأس فيفقد القدرة على التفكير ، أو تذهب حياته لينتهي ، وإن بقي على قيد الحياة فسوف يشاهد مصارع زملائه وذلتهم . والضرب منهم في كل بنان … أي ضربهم بالسيوف في أيديهم لأن الضرب في الأيدي إنما يجرحها ويجعلها عاجزة عن القتال . لماذا ؟ . يجيب الحق في الآية التالية : { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ … } .