Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 100, Ayat: 4-4)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَأَثَرْنَ } : عَطَفَ الفعلَ على الاسمِ ؛ لأنَّ الاسمَ في تأويل الفعلِ لوقوعِه صلةً لـ أل . قال الزمخشري : " معطوفٌ على الفعلِ الذي وُضِعَ اسمُ الفاعلِ موضعَه " يعني في الأصل ، إذ الأصلُ : واللاتي عَدَوْنَ فأَوْرَيْنَ فأغَرْنَ فَأَثَرْنَ . قوله : { بِهِ } : في الهاء أوجهٌ . أحدُهما : أنها ضميرُ الصُّبح ، أي : فَأَثَرْنَ في وقتِ الصُّبح غُباراً . وهذا حَسَنٌّ ؛ لأنه مذكورٌ بالصَّريح . الثاني : أنه عائدٌ على المكانِ ، وإن لم يَجْرِ له ذِكْرٌ ؛ لأنَّ الإِثارةَ لا بُدَّ لها من مكان ، فالسِّياقُ والفعلُ يَدُلاَّن عليه . وفي عبارةِ الزمخشريِّ : " وقيل : الضمير لمكان الغارة " هذا على تلك اللُّغَيَّةِ ، وإلاَّ فالفصيحُ أَنْ يقولَ : الإِغارة الثالث : أنَّه ضميرُ العَدْوِ الذي دَلَّ عليه " والعادياتِ " . وقرأ العامَّةُ بتخفيفِ الثاءِ ، مِنْ أثار كذا : إذا نَشَره وفَرَّقه مع ارتفاعٍ . وقرأ أبو حَيْوَةَ وابن أبي عبلة بتشديدها ، وخَرَّجه الزمخشريُّ على وجهَيْن : الأولُ بمعنى فأَظْهَرْنَ به غباراً ؛ لأنَّ التأثيرَ فيه معنى الإِظهارِ . والثاني : أنه قَلَبَ " ثَوَّرْنَ " إلى " وَثَّرْنَ " وقَلَبَ الواوَ همزةً . انتهى . قلت : يعني أنَّ الأصلَ : ثَوَّرْنَ ، مِنْ ثَوَّر يُثَوِّرُ بالتشديد عَدَّاه بالتضعيف كما يُعَدَّى بالهمزة في قولِك : أثاره ، ثم قَلَبَ الكلمةَ : بأنْ جَعَلَ العينَ وهي الواوُ موضعَ الفاء ، وهي الثاءُ ، فصارت وَثَّرْنَ ، ووزنُها حينئذٍ عَفَّلْنَ ، ثم قَلَبَ الواوَ همزةً ، فصار " أَثَرْنَ " وهذا بعيدٌ جداً . وعلى تقديرِ التسليمِ فَقَلْبُ الواوِ المفتوحةِ همزةً لا يَنْقاس إنما جاءت منه أُلَيْفاظٌ كأَحَدٍ وأَناةٍ . والنَّقْعُ : الغبار وأُنْشِد : @ 4623ـ يَخْرُجْنَ مِنْ مُسْتطارِ النَّقْعِ داميةً كأنَّ آذانَها أطرافُ أَقْلامِ @@ وقال ابن رَواحة : @ 4624ـ عَدِمْتُ بُنَيَّتِي إنْ لَمْ تَرَوْها تُثير النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَداءِ @@ وقال أبو عبيد : " النَّقْعُ رَفْعُ الصوتِ " وأَنْشَد : @ 4625ـ فمتى يَنْقَعْ صُراخٌ صادِقٌ يُحْلِبُوْها ذاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ @@ قال الزمخشري : " ويجوزُ أَنْ يُرادَ بالنَّقْع الصياحُ ، من قولِه عليه السلام : " ما لم يكن نَقْعٌ ولا لَقْلَقَةٌ " وقولُ لبيد : @ فمتىٰ يَنْقَعْ صُراخٌ صادِقٌ … @@ أي : هَيَّجْنَ في المَغارِ عليهم صَباحاً " انتهى . فعلى هذا تكون الباءُ بمعنى " في " ويعودُ الضمير على المكانِ الذي فيه الإِغارةُ كما تقدَّمَ .