Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 108, Ayat: 3-3)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { هُوَ ٱلأَبْتَرُ } : يجوزُ أَنْ يكونَ " هو " مبتدأً ، و " الأبترُ " خبرُه والجملةُ خبرُ " إنَّ " ، وأَنْ يكون فصلاً وقال أبو البقاء : " أو توكيدٌ " وهو غَلَطٌ منه لأنَّ المُظْهَرَ لا يُؤَكِّدُ بالمضمر . والأبترُ : الذي لا عَقِبَ له ، وهو في الأصلِ الشيءُ المقطوع ، مِنْ بَتَرَه ، أي : قطعه . وحمارٌ ابترُ : لا ذَنَبَ له . ورجلٌ أُباتِرٌ بضم الهمزة : قاطعُ رَحِمِه قال : @ 4660ـ لَئيمٌ نَزَتْ في أَنْفِه خُنْزُوانَةٌ على قَطْعِ ذي القربىٰ أَحَدُّ أُباتِرُ @@ وبَتِر هو بالكسرِ : انقطعَ ذَنَبُه . وقرأ العامة " شانِئَك " بالألفِ اسمُ فاعل بمعنىٰ الحالِ أو الاستقبالِ أو الماضي . وقرأ ابن عباس " شَنِئَك " بغيرِ ألفٍ . فقيل : يجوزُ أَنْ يكونَ بناءَ مبالغةٍ كفَعَّال ومِفْعال . وقد أثبته سيبويهِ ، وأنشد : @ 4661ـ حَذِرٌ أُموراً لا تَضِيرُ وآمِنُ ما ليسَ مُنْجِيَه من الأقْدارِ @@ وقال زيد الخيل : @ 4662ـ أتاني أنهم مَزِقون عِرْضي جِحاشٌ الكِرْمَلَيْنِ لها فَديدُ @@ فإنْ كانَ بمعنى الحالِ أو الاستقبالِ فإضافتُه لمفعولِه مِنْ نصبٍ . وإن كان بمعنى المُضِيِّ فهي لا مِنْ نصبٍ . وقيل : يجوزُ أن يكونَ مقصوراً مِنْ فاعِل كقولِهم : " بَرُّ وبارٌّ ، وبَرِدٌ وبارِدٌ . قوله : { فَصَلِّ } الفاء للتعقيب والتسبيبِ ، أي : تَسَبَّبَ عن هذه المِنَّةِ العظيمة وعَقَبها أَمْرُك بالتخَلِّي لعبادةِ المُنْعِمِ عليكَ وقَصْدِك إليه بالنَّحْرِ ، لا كما تفعلُ قُرَيْشٌ مِنْ صَلاتِها ونَحْرِها لأصنامِها . وقال أهل العلم : قد احتوَتْ هذه السورةُ ، على كونِها أَقْصَرَ سورةٍ في القرآن ، على معانٍ بليغةٍ وأساليبَ بديعةٍ وهي اثنان وعشرون . الأول : دلالةُ استهلالِ السورةِ على أنه إعطاءٌ كثيرٌ من كثير . الثاني : إسنادُ الفعل للمتكلم المعظِّم نفسَه . الثالث : إيرادُه بصيغةِ الماضي تحقيقاً لوقوعِه كـ { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } [ النحل : 1 ] . الرابع : تأكيدُ الجملةِ بـ إنَّ . الخامس : بناءُ الفعلِ على الاسمِ ليُفيدَ الإِسنادَ مرتين . السادس : الإِتيانُ بصيغةٍ تَدُلُّ على مبالغةِ الكثرةِ . السابع : حَذْفُ الموصوفِ بالكَوْثَر ؛ لأنَّ في حَذْفِه مِنْ فَرْطِ الشِّياعِ والإِبهامِ ما ليس في إثباتِه . الثامن : تعريفُه بأل الجنسيةِ الدالَّةِ على الاستغراق . التاسع : فاءُ التَّعْقيب ، فإنَّها كما تقدَّم دالَّةٌ على التَّسْبيب ، فإنَّ الإِنعامَ سببٌ للشُّكر والعبادةِ . العاشر : التَّعْريضُ بمَنْ كانَتْ صلاتُه ونَحْرُه لغيرِ اللَّهِ تعالى . الحادي عشر : أنَّ الأمرَ بالصَّلاةِ إشارةٌ إلى الأعمالِ الدينية التي الصلاةُ قِوامُها وأفضلُها ، والأمرُ بالنَّحْرِ إشارةٌ إلى الأعمالِ البدنيةِ التي النَّحْرُ أَسْناها . الثاني عشر : حَذْفُ متعلَّقِ " انحَرْ " إذ التقديرُ : فَصَلِّ لربِّك وانْحَرْ له . الثالثَ عشرَ : مراعاةُ السَّجْعِ فإنَّه من صناعةِ البديعِ العاري عن التَّكلُّفِ . الرابعَ عشرَ قوله : { رَبِّك } في الإِتْيان بهذه الصفةِ دونَ سائرِ صفاتِه الحُسْنىٰ دلالةُ على أنَّه هو المُصْلحُ له المُرَبِّي لنِعَمِه فلا تلتمِسْ كلَّ خيرٍ إلاَّ منه . الخامسَ عشرَ : الالتفاتُ من ضميرِ المتكلمِ إلى الغائب في قولِه : " لربِّك " السادسَ عشرَ : جَعْلُ الأمْرِ بتَرْكِ الاهتبالِ بشانِئيه للاستئناف ، وجَعْلُه خاتمةً للإِعراضِ عن الشانىءِ ، ولم يُسَمِّه ليشملَ كلَّ مَنْ اتَّصَفَ - والعياذُ بالله - بهذه الصفةِ القبيحة ، وإن كان المرادُ به شخصاً مَعْنِيَّاً . السابعَ عشرَ : التنبيُه بذِكْرِ هذه الصفةِ القبيحةِ على أنه لم يَتَّصِفْ إلاَّ بمجرَّدِ قيامِ الصفةِ به ، مِنْ غير أَنْ يُؤَثِّرَ في مَنْ يَشْنَؤُه شيئاً البتةَ ؛ لأنَّ مَنْ يَشْنَأُ شخصاً قد يُؤَثِّر فيه شَنَآنُه شيئاً . الثامنَ عشرَ : تأكيدُ الجملةِ بـ " إنَّ " المُؤْذِنَةِ بتأكيدِ الخبرِ ، ولذلك يُتَلَقَّىٰ بها القسمُ ، وتقديرُ القسمِ يَصْلُح هنا ، التاسعَ عشرَ : الإِتيانُ بضميرِ الفَصْلِ المؤْذِنِ بالاختصاصِ والتأكيدِ إنْ جَعَلْنا " هو " فصلاً ، وإنْ جَعَلْناه مبتدأً فكذلك يُفيد التأكيدَ إذ يصيرُ الإِسنادُ مَرَّتَيْن العشرون : تعريفُ الأبترِ بـ أل المُؤْذِنَةِ بالخصوصيَّةِ بهذه الصفةِ ، كأنه قيل : الكامِلُ في هذه الصفةِ الحادي والعشرون : الإِتيانُ بصيغة أَفْعَل الدالَّةِ على التناهي في هذه الصفةِ . الثاني والعشرون : إقبالُه على رسولِه عليه السلام بالخطاب مِنْ أول السورةِ إلى آخرها .