Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 17-17)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَفَمَن كَانَ } فيه وجهان ، أحدهما : أنه مبتدأ والخبرُ محذوفٌ ، تقديره : أفَمَنْ كان على هذه الأشياء كغيره ، كذا قدَّره أبو البقاء ، وأحسنُ منه " أَفَمَنْ كان كذا كمن يريد الحياة الدنيا وزينتها " ، وحَذْفُ المعادلِ الذي دخلت عليه الهمزةُ كثيرةٌ نحو : { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءَ عَمَلِهِ } [ فاطر : 8 ] { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ } [ الزمر : 9 ] إلى غير ذلك . وهذا الاستفهام بمعنىٰ التقرير . الثاني وإليه نحا الزمخشري أن هذا معطوفٌ على شيءٍ محذوفٍ قبله ، تقديره : أمَّن كان يريد الحياة الدنيا وزينتها كمَنْ كان على بَيِّنَة ، أي : لا يعقبونهم في المنزلة ولا يقاربونهم ، يريد أنَّ بين الفريقين تفاوتاً ، والمرادُ مَنْ آمَن مِن اليهود كعبد اللَّه بن سلام ، وهذا على قاعدتِه مِنْ تقديره معطوفاً بين همزة الاستفهام وحرفِ العطف ، وهو مبتدأٌ أيضاً ، والخبرُ محذوفٌ كما تقدَّم تقريرُه . قوله : { وَيَتْلُوهُ } اختلفوا في هذه الضمائر ، أعني في " يتلوه " ، وفي " منه " ، وفي " قبله " : فقيل : الهاء في " يتلوه " تعود / على " مَنْ " ، والمرادُ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم وكذلك الضميران في " منه " و " قبله " والمرادُ بالشاهد لسانُه عليه السلام ، والتقدير : ويتلو ذلك الذي على بَيِّنة ، أي : ويتلو محمداً أي صِدْقَ محمدٍ لسانُه ، ومِنْ قبلِه ، أي قبل محمد . وقيل : الشاهدُ هو جبريلُ ، والضمير في " منه " للَّه تعالىٰ ، و " من قبله " للنبي . وقيل : الشاهدُ الإِنجيلُ و " كتاب موسىٰ " عطف على " شاهد " ، والمعنىٰ أن التوراة والإِنجيل يتلوان محمداً في التصديق ، وقد فَصَلَ بين حرفِ العطف والمعطوف بقوله : " من قبله " ، والتقدير : شاهدٌ منه ، وكتاب موسىٰ من قبله ، وقد تقدَّم الكلامُ على الفصل بين حرف العطفِ والمعطوفِ مُشْبعاً في النساء . وقيل : الضمير في " يتلوه " للقرآن وفي " منه " لمحمد عليه السلام . وقيل : لجبريل ، والتقدير : ويتلو القرآنَ شاهدٌ من محمدٍ وهو لسانُه ، أو مِن جبريلَ . والهاءُ في " من قبلِه " أيضاً للقرآن . وقيل : الهاءُ في " يَتْلوه " تعود على البيان المدلولِ عليه بالبيِّنة . وقيل : المرادُ بالشاهدِ إعجازُ القرآن ، فالضمائر الثلاثة للقرآن . وهذا كافٍ ، ووراء ذلك أقوالٌ مضطربةٌ غالبُها يَرْجِع لما ذكرْتُ . وقرأ محمد بن السائب الكلبي " كتابَ موسىٰ " بالنصبِ وفيه وجهان ، أحدهما وهو الظاهر أنه معطوف على الهاء في " يتلوه " ، أي : يتلوه ويتلو كتابَ موسى ، وفصلَ بالجارِّ بين العاطفِ والمعطوف . والثاني : أنه منصوبٌ بإضمارِ فعلٍ . قال أبو البقاء : وقيل : تمَّ الكلامُ عند قولِه " منه " و " كتابَ موسىٰ " ، أي : ويتلو كتابَ موسىٰ " فقدَّر فعلاً مثلَ الملفوظِ به ، وكأنه لم يرَ الفصلَ بين العاطفِ والمعطوفِ فلذلك قَدَّر فعلاً . و " إماماً ورحمةً " منصوبان على الحال من " كتاب موسىٰ " سواءً أقرىء رفعاً أم نصباً . والهاءُ في " به " يجوز أن تعودَ على " كتاب موسىٰ " وهو أقربُ مذكورٍ . وقيل : بالقرآن ، وقيل : بمحمد ، وكذلك الهاء في " به " . والأَحْزاب : الجماعةُ التي فيها غِلْظَةٌ ، كأنهم لكثرتهم وُصِفوا بذلك ، ومنه وَصْفُ حمارِ الوحش بـ " حَزَابِيَة " لغِلَظِه . والأحزاب : جمع حِزْب وهو جماعةُ الناس . و " المِرْية " بكسر الميم وضَمِّها الشكُّ ، لغتان أشهرُهما الكسرُ ، وهي لغة أهل الحجاز ، وبها قرأ جماهيرُ الناس ، والضمُّ لغةُ أسد وتميم ، وبها قرأ السُّلمي وأبو رجاء وأبو الخطاب السدوسي . و " وأولئك " إشارةٌ إلى مَنْ كان على بَيِّنة ، جُمِع على معناها ، وهذا إنْ أريد بـ " مَنْ كان " النبيُّ وصحابتُه ، وإن أريدَ هو وحدَه فيجوز أن يكونَ عظَّمه بإشارة الجمع كقوله : @ 2644 فإن شِئْتِ حَرَمْتُ النساءَ سواكمُ وإن شِئْتِ لم أَطْعَمْ نُقاخاً ولا بَرْدا @@ و " موعده " اسمُ مكانِ وَعْدِه ، قال حسان رضي اللَّه عنه :