Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-1)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { كِتَابٌ } : يجوز أن يكون خبراً لـ " ألر " أَخْبر عن هذه الأحرفِ بأنها كتابٌ موصوفٌ بـ كيتَ وكيتَ / وأن يكون خبرَ ابتداءٍ مضمرٍ تقديرُه : ذلك كتابٌ ، يدلُّ على ذلك ظهوره في قوله تعالىٰ : { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [ البقرة : 2 ] ، وقد تقدَّم في أولِ هذا التصنيف ما يكفيك في ذلك . قوله : { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } في محلِّ رفعٍ صفةً لـ " كتاب " ، والهمزةُ في " أُحْكِمَتْ " يجوز أن تكونَ للنقل مِنْ " حَكُمَ " بضم الكاف ، أي : صار حكيماً بمعنىٰ جُعِلَتْ حكيمة ، كقوله تعالىٰ : { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } [ لقمان : 2 ] . ويجوز أنْ يكونَ من قولهم : " أَحْكَمْتُ الدابة " إذا وَضَعْتَ عليها الحَكَمَةَ لمَنْعِها من الجِماح كقول جرير : @ 2633 أبني حَنِيْفَةَ أَحْكِموا سُفَهاءَكمْ إني أخافُ عليكمُ أَنْ أَغْضبا @@ فالمعنى أنها مُنِعَتْ من الفساد . ويجوز أَنْ يكونَ لغير النقل ، مِن الإِحكام وهو الإِتقان كالبناء المُحْكَمِ المُرْصَفِ ، والمعنى : أنهى نُظِمَتْ نَظْماً رصيناً متقناً . قوله : { ثُمَّ فُصِّلَتْ } " ثم " على بابها مِن التراخي لأنها أُحكمَتْ ثم فُصِّلَتْ بحسب أسبابِ النزول . وقرأ عكرمة والضحاك والجحدري وزيد ابن علي وابن كثير في روايةٍ " فَصَلَتْ " بفتحتين خفيفةَ العين . قال أبو البقاء : " والمعنىٰ : فَرَقَتْ ، كقوله : { فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ } [ البقرة : 249 ] ، أي : فارق " . وفَسَّر هنا غيرُه بمعنى فَصَلَتْ بين المُحِقِّ والمُبْطِل وهو أحسنُ . وجعل الزمخشري " ثم " للترتيب في الإِخبار لا لترتيب الوقوع في الزمان فقال : " فإن قلت : ما معنىٰ " ثم " ؟ قلت : ليس معناها التراخي في الوقت ولكن في الحال ، كما تقول : هي مُحْكَمَةٌ أحسنَ الإِحكام ثم مُفَصَّلةٌ أحسنَ التفصيل ، وفلانٌ كريمٌ الأصل ثم كريمُ الفعل " وقُرِىء أيضاً : " أحْكَمْتُ آياتِه ثم فَصَّلْتُ " بإسناد الفعلين إلى تاء المتكلم ونَصْبِ " آياته " مفعولاً بها ، أي : أحكمتُ أنا آياتِه ثم فَصَّلْتُها ، حكى هذه القراءةَ الزمخشري . قوله : { مِن لَّدُنْ } يجوز أن تكونَ صفةً ثانية لـ " كتاب " ، وأن تكون خبراً ثانياً عند مَنْ يرى جوازَ ذلك ، ويجوز أن تكون معمولةً لأحد الفعلين المتقدِّمين أعني " أُحْكِمَتْ " أو " فُصِّلَتْ " ويكون ذلك من بابِ التنازع ، ويكون من إعمال الثاني ، إذ لو أَعْمل الأولَ لأضمر في الثاني ، وإليه نحا الزمخشري في [ قوله ] : " وأن يكون صلةَ " أُحْكِمت " و " فُصَّلَتْ " ، أي : من عندِ أحكامُها وتفصيلُها ، وفيه طباق حسن لأن المعنىٰ : أحكمها حكيم وفصَّلها ، أي : شَرَحها وبيَّنها خبيرٌ بكيفيات الأمور " . قال الشيخ : " لا يريد أنَّ " مِنْ لدن " متعلقٌ بالفعلين معاً من حيث صناعةُ الإِعراب بل يريد أن ذلك من بابِ الإِعمال فهي متعلقةٌ بهما من حيث المعنىٰ " وهو معنىٰ قولِ أبي البقاء أيضاً " ويجوز أن يكونَ مفعولاً ، والعاملُ فيه " فُصِّلَتْ " .