Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 3-3)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ } : فيها وجهان : أحدهما : أنه عطفٌ على " أنْ " الأولى سواءً كانت " لا " بعدها نفياً أو نهياً ، فتعودُ الأوجهُ المنقولةُ فيها إلى " أَنْ " هذه . والثاني : أن تكونَ منصوبةً على الإِغراء . قال الزمخشري في هذا الوجه : " ويجوز أن يكونَ كلاماً مبتدأً منقطعاً عَمَّا قبلَه على لسان النبي صلى اللَّه عليه وسلم إغراءً منه على اختصاص اللَّه تعالىٰ بالعبادة ، ويدل عليه قولُه : إني لكم منه نذيرٌ وبشير كأنه قال : تركَ عبادةَ غيرِ اللَّه إنني لكم منه نذيرٌ كقولِه تعالىٰ : { فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ } [ محمد : 4 ] . قوله : { ثُمَّ تُوبُوۤاْ } عطفٌ على ما قبلَه من الأمر بالاستغفار و " ثم " على بابِها من التراخي لأنه يستغفرُ أولاً ثم يتوبُ ويتجرَّدُ من ذلك الذنبِ المستغفَرِ منه . قال الزمخشري : " فإن قلتَ : ما معنى " ثم " في قوله { ثُمَّ تُوبُوۤا إِلَيْهِ } ؟ قلت : معناه : استغفروا من الشرك ثم ارجعوا إليه بالطاعة ، أو استغفروا والاستغفارُ توبةٌ ثم أَخْلِصوا التوبةَ واستقيموا عليها كقوله تعالىٰ : { ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } [ الأحقاف : 13 ] . قلت : قوله : " أو استغفروا " إلى آخره يعني أن بعضَهم جَعَلَ الاستغفارَ والتوبةَ بمعنى واحد ، فلذلك احتاج إلى تأويل " توبوا " بـ " أَخْلِصوا التوبة " . قوله : { يُمَتِّعْكُمْ } جوابُ الأمر . وقد تقدَّم الخلافُ في الجازم : هل هو نفسُ الجملةِ الطلبية أو حرفُ شرطٍ مقدَّر . وقرأ الحسن وابن هرمز وزيد بن علي وابن محيصن " يُمْتِعْكم " بالتخفيف مِنْ أَمْتَعَ ، وقد تقدَّم أن نافعاً وابن عامر قرأ { فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً } [ البقرة : 126 ] في البقرة بالتخفيف كهذه القراءة . قوله : { مَّتَاعاً } في نصبه وجهان ، أحدهما : أنه منصوب على المصدرِ بحذفِ الزوائد ، إذ التقدير : تمتيعاً فهو كقوله : { أَنبَتَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } [ نوح : 17 ] . والثاني : أنه ينتصبَ على المفعول به ، والمراد بالمتاعِ اسمُ ما يُتَمَتَّع به فهو كقولك : " متَّعْتُ زيداً أثواباً " . قوله : { كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } " كلَّ " مفعول أول ، و " فضلَه " مفعولٌ ثانٍ ، وقد تقدَّم للسهيلي خلافٌ في ذلك . والضمير في " فضله " يجوز أن يعودَ على اللَّه تعالىٰ ، أي : يعطي كلَّ صاحب فضلٍ فضلَه ، أي : ثوابَه ، وأن يعودَ على لفظ كل ، أي : يعطي كلَّ صاحبِ فضلٍ جزاءَ فَضْلِهِ ، لا يَبْخَسُ منه شيئاً أي : جزاء عمله . قوله : { وَإِن تَوَلَّوْاْ } قرأ الجمهور " تَوَلَّوا " بفتح التاء والواو واللامِ المشددة ، وفيها احتمالان ، أحدهما : أن الفعلَ مضارعُ تَوَلَّى ، وحُذِف منه إحدىٰ التاءين تخفيفاً نحو : تَنَزَّلُ ، وقد تقدَّم : أيتُهما المحذوفةُ ، وهذا هو الظاهر ، ولذلك جاء الخطاب في قوله " عليكم " . والثاني : أنه فعلٌ ماضٍ مسندٌ لضمير الغائبين ، وجاء الخطابُ على إضمار القول ، أي : فقل لهم : إني أخاف عليكم ، ولولا ذلك لكان التركيب : فإني أخاف عليهم . وقرأ اليماني وعيسى بن عمر : " تُوَلُّوا " بضم التاء وفتح الواو وضم اللام ، وهو مضارعُ ولَّى كقولك زكَّى يزكِّي . ونقل صاحب " اللوامح " عن اليماني وعيسىٰ : " وإن تُوُلُّوا " بثلاث ضمَّات مبنياً للمفعول . قلت : ولم يُبَيِّن ما هو ولا تصريفَه ؟ وهو فعلٌ ماضٍ ، ولما بُني للمفعول ضُمَّ أولُه على الفاعل ، وضُمَّ ثانيه أيضاً ؛ لأنه مفتتحٌ بتاءِ مطاوَعَةٍ / وكلُّ ما افْتُتِح بتاءِ مطاوعةٍ ضُمًّ أولُه وثانيه ، وضُمَّت اللام أيضاً وإن كان أصلُها الكسرَ لأجل واو الضمير ، والأصل " تُوُلِّيُوا " نحو : تُدُحْرِجوا ، فاسْتُثْقِلت الضمةُ على الياء ، فحُذِفت فالتقى ساكنان ، فحُذِفت الياءُ لأنها أولهما ، فبقي ما قبل واوِ الضمير مكسوراً فَضُمَّ ليجانِسَ الضميرَ ، فصار وزنُه تُفُعُّوا بحَذْف لامِه ، والواوُ قائمةٌ مقامَ الفاعل . وقرأ الأعرج " تُوْلُوا " بضم التاء وسكون الواو وضم اللام مضارعَ أَوْلَى ، وهذه القراءةُ لا يظهر لها معنى طائلٌ هنا ، والمفعولُ محذوفٌ يُقَدَّر لائقاً بالمعنىٰ و " كبير " صفةٌ لـ " يوم " مبالغةً لما يقع فيه من الأهوال وقيل : بل " كبير " صفةٌ لـ " عذاب " فهو منصوبٌ وإنما خُفِضَ على الجِوار كقولهم : " هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ " بجرِّ " خَرِبٍ " وهو صفةٌ لـ " جُحر " وقولِ امرىء القيس : @ 2634 كأن ثَبِيراً في عَرانين وَبْلِه كبيرُ أناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّل @@ بجر " مُزَمّل " وهو صفةٌ لـ " كبيرُ " . وقد تقدَّمَ القولُ في ذلك مشبعاً في سورة المائدة .