Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 43-43)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ } : فيه أقوالٌ ، أحدها : أنه استثناءٌ منقطع ، وذلك أن تَجْعَلَ عاصماً على حقيقته ، ومَنْ رَحِم هو المعصوم ، وفي " رَحِم " ضميرٌ مرفوعٌ يعود على اللَّه تعالىٰ ، ومفعولُه ضميرُ الموصولِ وهو " مَنْ " حُذِف لاستكمالِ الشروط ، والتقدير : لا عاصمَ اليومَ البتةَ مِنْ أمر اللَّه ، لكن مَنْ رَحِمه اللَّه فهو معصوم . الثاني : أن يكونَ المرادُ بـ " مَنْ رَحِم " هو الباري تعالى كأنه قيل : لا عاصمَ اليومَ إلا الراحمَ . الثالث : أن عاصماً بمعنى مَعْصوم ، وفاعِل قد يجيءُ بمعنىٰ مفعول نحو : ماء دافق ، أي : مدفوق ، وأنشدوا : @ 2666 بطيءُ القيامِ رخيمُ الكلا مِ أَمْسى فؤادي به فاتِنا @@ أي مفتوناً ، و " مَنْ " مرادٌ بها المعصومُ ، والتقدير : لا معصومَ اليومَ مِنْ أَمْرِ اللَّه إلا مَنْ رحمه اللَّه فإنه يُعْصَم . الرابع : أن يكون " عاصم " هنا بمعنى النَّسَب ، أي : ذا عِصْمة نحو : لابن وتامر ، وذو العصمة ينطلق على العاصم وعلى المعصوم ، والمرادُ به هنا المَعْصوم . وهو على هذه التقاديرِ استثناءٌ متصلٌ ، وقد جعله الزمخشري متصلاً لمَدْرك آخرَ ، وهو حذفُ مضافٍ تقديرُه : لا يعصمك اليومَ معتصِمٌ قط مِنْ جبلٍ ونحوِه سوى معتصمٍ واحد ، وهو مكان مَن رحمهم اللَّه ونجَّاهم ، يعني في السفينة " . وأمَّا خبرُ " لا " فالأحسنُ أن يُجْعل محذوفاً ، وذلك لأنه إذا دلَّ عليه دليلٌ وَجَبَ حذفُه عند تميم ، وكَثُر عند الحجاز ، والتقدير : لا عاصمَ موجودٌ . وجَوَّز الحوفي وابن عطية أن يكون خبرُها هو الظرف وهو اليوم . قال الحوفي : " ويجوز أن يكونَ " اليوم " خبراً فيتعلَّق قالاستقرار ، وبه يتعلق { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } . وقد رَدَّ أبو البقاء ذلك فقال : " فأمَّا خبرُ " لا " فلا يجوز أن يكونَ " اليوم " ؛ لأنَّ ظرفَ الزمان لا يكون خبراً عن الجثة ، بل الخبر { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } و " اليوم " معمولُ { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } . وأمَّا " اليومَ " و { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } فقد تَقدَّم أن بعضهم جَعَل أحدَها خبراً ، فيتعلَّقُ الآخر بالاستقرار الذي يتضمنَّه الواقعُ خبراً . ويجوز في " اليوم " أن يتعلَّقَ بنفس { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } لكونِه بمعنىٰ الفعل . وجَوَّز الحوفي أن يكون " اليوم " نعتاً لـ " عاصم " ، وهو فاسدٌ بما أفسدَ بوقوعِه خبراً عن الجثث . وقُرىء { إِلاَّ مَن رَّحِمَ } مبنياً للمفعول ، وهي مقويةٌ لقولِ مَنْ يَدَّعي أنَّ " مَنْ رَحِم " في قراءة العامة المرادُ به المرحوم لا الراحم ، كما تقدَّم تأويلُه . ولا يجوز أن يكون " اليوم " ولا { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } متعلِّقين بـ " عاصم " وكذلك الواحد منهما ؛ لأنه كان يكون الاسمُ مطوَّلاً ، ومتى كان مطوَّلاً أُعْرِبَ ، ومتى أُعرب نُوِّن ، ولا عبرةَ بخلاف الزجاج : حيث زعم أن اسمَ " لا " معربٌ حُذِفَ تنوينُه تخفيفاً .