Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 46-46)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } : قرأ الكسائي " عَمِل " فعلاً ماضياً ، و " غيرَ " نصباً ، والباقون " عَمَلٌ " بفتح الميمِ وتنوينهِ على أنه اسمٌ ، و " غيرُ " بالرفع . فقراءةُ الكسائي : الضمير فيها يتعيَّنُ عَوْدُه على ابن نوح ، وفاعل " عمل " ضميرٌ يعودُ عليه أيضاً ، و " غيرَ " مفعول به . ويجوز أن يكونَ نعتاً لمصدرٍ محذوف ، تقديرُه : عَمل عملاً غيرَ صالحٍ كقوله { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } [ المؤمنون : 51 ] . وأمَّا قراءةُ الباقين ففي الضمير أوجه ، أظهرها : أنه عائدٌ على ابنِ نوح ، ويكونُ في الإِخبار عنه بالمصدر المذاهبُ الثلاثةُ في " رجل عدل " . والثاني : أنه يعود على النداء المفهوم مِنْ قوله " ونادىٰ " ، أي : نداؤك وسؤالُك . وإلى هذا ذهب أبو البقاء ومكي والزمخشري . وهذا فيه خطرٌ عظيم ، كيف يُقال ذلك في حقِّ نبي من الأنبياء ، فضلاً عن أول رسولٍ أُرْسِل إلى أهل الأرض من بعدِ آدم عليهما السلام ؟ ولما حكاه أبو القاسم قال : " وليس بذاك " ولقد أصاب . واستدلَّ من قال بذلك أنَّ في حرف عبد اللَّه بن مسعود " إنه عملٌ غيرُ صالحٍ أن تسألني ما ليس لك به علمٌ " وهذا مخالِفٌ للسَّواد . الثالث : أنه يعودُ على ركوب ابنِ نوح المدلولِ عليه بقوله " اركب معنا " . الرابع : أنَّه يعودُ على تركه الركوب وكونِه مع المؤمنين ، أي : إنَّ تَرْكَه الركوبَ مع المؤمنين وكونَه مع الكافرين عملٌ غيرُ صالح ، وعلى الأوجهِ الثلاثةِ لا يُحتاج في الإِخبارِ بالمصدر [ إلى ] تأويلٍ ، لأنَّ كليهما معنى من المعاني ، وعلى الوجه الرابع يكون من كلامِ نوح عليه السلام ، أي : إنَّ نوحاً قال : إنَّ كونَك مع الكافرين وتَرْكَك الركوبَ معنا غيرُ صالح ، بخلاف ما تقدَّم فإنه مِنْ قول اللَّه تعالى فقط ، هكذا قال مكي وفيه نظرٌ ، بل الظاهرُ أنَّ الكلَّ مِنْ كلام اللَّه تعالى . قال الزمخشري : " فإن قلت : هلا قيل : إنه عملٌ فاسِدٌ . قلت : لَمَّا نفاه عن أهله نَفَىٰ عنه صفتَهم بكلمةِ النفي التي يستبقي معها لفظَ المنفي ، وآذن بذلك أنَّه إنما أَنْجى مَنْ أَنْجى لصلاحهم لا لأنهم أهلُك . قوله : { فَلاَ تَسْأَلْنِـي } قرأ نافع وابن عامر " فلا تسألَنِّ " بتشديدِ النون مكسورةً من غير ياء . وابنُ كثير بتشديدها / مع الفتح ، وأبو عمرو والكوفيون بنونٍ مكسورةٍ خفيفة ، وياءٍ وصلاً [ لأبي عمرو ] ، ودون ياء في [ الحالين ] للكوفيين . وفي الكهف { فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ } [ الآية : 70 ] قرأه أبو عمرو والكوفيون كقراءتهم هنا ، وافقهم ابنُ كثير في الكهف ، وأمَّا نافعٌ وابن عامر فكقراءتهما هنا ، ولابن ذكوان خلافٌ في ثبوتِ الياء وحَذْفها ، وإنما قرأ ابن كثير التي في هود بالفتح دونَ التي في الكهف ؛ لأنَّ الياء في هود ساقطة في الرسم ، فكانت قراءتُه بفتحِ النون محتملةً بخلاف الكهف فإنَّ الياءَ ثابتةٌ في الرسم فلا يُوافِق فيه فَتْحُها . وقد تقدَّم خلافُ ابن ذكوان في ثبوتِ الياء في الكهف . فَمَنْ خَفَّف النونَ فهي نونُ الوقاية وحَدَها ، ومَنْ شدَّدها فهي نون التوكيد . وابنُ كثير لم يَجْعل في هود الفعلَ متصلاً بياء المتكلم ، والباقون جعلوه ، فَلَزِمهم الكسرُ . وقد تقدَّم أنَّ " سأل " يتعدى لاثنين أوَّلُهما ياء المتكلم ، والثاني { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } . قوله { أَن تَكُونَ } على حذف حرف الجر ، أي : مِنْ أن تكون أو لأجلِ أن ، وقوله { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } يجوزُ في " به " أن يتعلَّق بـ " عِلْم " . قال الفارسي : " ويكونُ مثلَ قوله : @ 2669 كان جَزائي بالعَصا أن أُجْلَدا @@ ويجوز أن يتعلَّقَ بالاستقرار الذي تَعَلَّق به " لك " . والباء بمعنى " في " ، أي : ما ليس لك به عِلْمٌ . وفيه نظرٌ .