Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 21-21)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { تَبَعًا } : يجوز أن يكونَ جمع " تابِع " كخادِم وخَدَم وغائِب وغَيَب ، ويجوزُ أن يكونَ مصدراً نحو : قومٌ عَدْلٌ ، ففيه ثلاثةُ التأويلاتِ المشهورةِ . قوله : { مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } في " مِنْ " أوجهٌ : أحدُها : أنَّ : مِنْ " الأولى للتبيين ، والثانيةَ للتبعيض ، تقديرُه : مُغْنون عنا بعضَ الشيءِِ الذي هو عذابُ الله ، قاله الزمخشري . قال الشيخ : " هذا يقتضي التقديمَ في قوله " مِن شَيْءٍ " على قوله { مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ } ؛ لأنه جَعَلَ { مِن شَيْءٍ } هو المُبَيِّنَ بقولِهِ من عذاب ، و " مِنْ " التبيينيةُ مقدَّمٌ عليها ما تُبَيِّنه ولا يتأخَّر " . قلتُ : كلامُ الزمخشري صحيحٌ من حيث المعنى ، فإنَّ { مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ } لو تأخَّر عن " شيء " كان صفةً له ومُبَيِّناً ، فلمَّا تقدَّم انقلب إعرابُه من الصفة إلى الحال ، وأمَّا معناه وهو البيانُ فباقٍ لم يتغيَّرْ . الثاني : أن تكونا للتبعيضِ معاً بمعنى : هل أنتم مُغْنُوْن عنا بعضَ شيءٍ هو بعضُ عذابِ الله ؟ أي : بعض عذاب الله ، قاله الزمخشري . قال الشيخ : " وهذا يقتضي أن يكونَ بدلاً ، فيكونَ بدلَ عامٍّ مِنْ خاص ، وهذا لا يُقال ؛ فإنَّ بَعْضِيَّةِ الشيء مطلقةٌ ، فلا يكون لها بعضٌ " . قلت : لا نزاعَ أنه يقالُ : بعضُ البعض ، وهي عبارةٌ متداولةٌ ، وذلك البعضُ المُتَبَعِّضُ هو كلُّ لأبعاضِه بعضٌ لكلِّه ، وهذا كالجنسِ المتوسط هو نوعٌ لِما فوقَه ، جنسٌ لِما تحته . الثالث : أنَّ " مِنْ " في { مِن شَيْءٍ } مزيدةٌ ، و " مِنْ " في { مِنْ عَذَابِ } فيها وجهان ، أحدُهما : أن تتعلَّقَ بمحذوفٍ لأنها في الأصل صفةٌ لشيء ، فلمَّا تقدَّمَتْ نُصِبت على الحال . والثاني : أنها تتعلَّق بنفس " مُغْنُوْنَ " على أن يكون " من شيء " واقعاً موقعَ المصدر ، أي : غِنى . ويوضح هذا ما قاله أبو البقاء ، قال : " ومِنْ زائدةٌ ، أي : شيئاً كائناً من عذاب الله ، ويكون محمولاً على المعنى تقديره : هل تمنعون عنا شيئاً ؟ ويجوز أن يكونَ " شيء " واقعاً موقعَ المصدر ، أي : غِنَى ، فيكون { مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ } متعلقاً بـ " مُغْنُوْن " . وقال الحوفيُّ أيضاً : { ومِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ } متعلٌ بـ " مُغْنُون " ، و " مِنْ " في { مِن شَيْءٍ } لاستغراقِ الجنسِ زائدةٌ للتوكيد " . قوله : { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ } إلى آخرِه ، فيه قولان ، أحدُهما : أنه مِنْ كلام المستكبرين . والثاني : أنه من كلام المستكبرين والضعفاءِ معاً . وجاءَتْ كلٌّ جملةٍ مستقلةٍ من غيرِ عاطف دلالةً على أنَّ كلاًّ من المعاني مستقلٌّ بنفسه كافٍ في الإِخبار . وقد تقدَّم الكلامُ في التسويةِ والهمزةِ بعده في أول البقرة . والجَزَعُ : عدمُ احتمالِ الشِّدَّةِ . قال امرؤ القيس : @ 2876 - جَزِعْتُ ولم أَجْزَعْ من البَيْنِ مَجْزِعاً وعَزَّيْتَ قلباً بالكواعب مُولَعا @@ وقال الراغب : " أصلُ الجَزَعِ : قَطْعُ الحَبْل مِنْ نصفه يقال : جَزَعْتُه فانْجَزَعْ ، ولتصَوُّرِ الانقطاع فيه قيل : جَزْعُ الوادي لمُنْقَطَعِه ، ولانقطاعِ اللونِ بتغيُّره . قيل للخرزِ المتلوِّن : جَزْعٌ ، واللحمُ المُجَزَّع ما كان ذا لونين ، والبُسْرَة المُجَزَّعَة أن يَبْلغَ الإِرطابُ نصفَها ، والجازِع خشبةٌ تُجعل في وسط البيت تلْقى عليها رؤوس الخشب من الجانبين ، وكأنه سُمِّي بذلك تَصَوُّراً لجَزَعِهِ لِما حُمِل عليه من العِبْء أو لقطعِه وسطَ البيت " والجَزَعُ أخصُّ من الحزن ، فإنَّ الجَزَعَ حُزْنٌ يَصْرِف الإِنسان عمَّا هو بصددِه . والمَحيصُ : يكون مصدراً ويكون مكاناً . ويقال : جاض بالضاد المعجمة وجَيْضاً ، بها وبالجيم .