Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 43-43)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ } : حالان من المضافِ المحذوفِ ؛ إذ التقديرُ : أصحاب الأبصار ، إذ يُقال : شَخَصَ زيدٌ بصرَه ، أو تكون الأبصارُ دلَّتْ على أربابِها فجاءت الحالُ مِن المدلولِ عليه ، قالهما أبو البقاء . وقيل : " مُهْطِعين " منصوبٌ بفعلٍ مقدَّرٍ ، اي : يُبْصِرُهم مُهْطِعين . ويجوز في " مُقْنِعي " أن يكونَ حالاً من الضمير في " مُهْطِعين " فتكون حالاً متداخلةً . وإضافة " مُقْنعي " غيرُ حقيقيةٍ فلذلك وَقَعَتْ حالاً . والإِهطاع : قيل : الإِسراعُ في المشي قال : @ 2903 - إذا دعانا فأَهْطَعْنا لدَعْوَته داعٍ سميعٌ فَلَفُّونا وساقُوْنا @@ وقال : @ 2904 - وبمُهْطِعٍ سُرُحٍ كأن عِنَانَه في [ رأس ] جَذْعٍ … @@ وقال أبو عبيدة : " قد يكون الإِسراعَ وإدامةَ النظر " . وقال الراغب : " هَطَع الرجلُ ببصره إذا صَوَّبه ، وبعيرٌ مُهْطِعٌ إذا صَوَّب عُنُقَه " . وقال الأخفش : " هو الإِقبالُ على الإِصغاء " وأنشد : @ 2905 - بِدِجْلَةَ دارُهُمْ ولقد أراهُمْ بِدِجْلِةَ مُهْطِعِيْن إلى السَّماعِ @@ والمعنى : مُقْبِلِيْن برؤوسهم إلى سَماع الدَّاعي . وقالَ ثعلب : " أَهْطِع الرجلُ إذا نظر بِذُلٍّ وخُشُوعِ ، لا يُقْلِعُ ببصره " ، وهذا موافِقٌ لقول أبي عبيدٍ فقد سُمِعَ فيه : أَهْطَعَ وهَطَعَ رباعياً وثلاثياً . والإِقناع : رَفْعُ الرأسِ وإدامةُ النظر من غيرِ التفاتٍ إل غيرِه ، قاله القتبيُّ وابنُ عرفة ، ومنه قولُه يَصِفُ إبلاً ترعى أعالي الشجر فترفع رؤوسها : @ 2906 - يُباكِرْن العِضَاهَ بمُقْنَعاتٍ نواجِذُهُنَّ كالِحَدأ الوَقيع @@ ويقال : أَقْنَعَ رأسَه ، أي : طَأْطَأها ونَكَّسها فهو من الأضداد ، والقَناعَةُ : الاجتِزاءُ باليسير ، ومعنى قَنِع بكذا : ارتفع رأسُه عن السؤال ، وفَمٌ مُقَنَّع : مَعْطُوفُ الأسنان داخله ورجلٌ مُقَنَّعٌ بالتشديد . ويقال : قَنِعَ يَقْنَعُ قَناعةً وقَنَعاً إذا رَضِيَ ، وقَنَعَ قُنُوعاً إذا سَأَل ، فوقع الفرقُ بالمصدر . وقال الراغب : " قال بعضُهم : " أصلُ هذه الكلمةِ مِن القِناع ، وهو ما يُغَطَّي الرأسَ ، والقانِعُ مَنْ [ لا ] يُلحُّ في السؤال فَيَرْضَى بما يأتيه كقوله : @ 2907 - لَمالُ المَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْني مَفاقِرَه أعفُّ مِنَ القُنُوعِ @@ ورجل مَقْنَعٌ يُقْنِعُ به . قال : @ 2908 - … شُهودِيْ على لَيْلَى عُدُولٌ مَقانِعُ @@ والرُّؤوس : جمع رَأْس وهو مؤنثٌ ، ويُجْمَع في القلة على أَرْؤُس ، وفي الكثرةِ على رُؤوس ، والأَرْأَسُ : العظيم الرأسِ ، ويُعَبَّر بها عن الرجل العظيم كالوجهِ ، والرئيس مشتق مِنْ ذلك ، ورِئاسُ السيفِ مَقْبَضُهُ ، وشاةٌ رَأْساء اسْوَدَّت رأسُها . قوله : { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ } في محلِّ نصب على الحال أيضاً من الضمير في " مُقْنِعِي " . ويجوز أن يكونَ بدلاً من " مُقْنِعي " كذا قال أبو البقاء ، يعني أنه يَحُلُّ مَحَلَّه . ويجوز أن يكونَ استئنافاً . والطَّرْفُ في الأصل مصدرٌ ، وأُطْلِقَ على الفاعلِ لقولِهم : " ما فيهم عَيْنٌ تَطْرِفُ " ، [ ولعلَّه ] هنا العينُ . قال : @ 2909 - وأَغُضُّ طَرْفي ما بَدَتْ لي جارَتي حتى يُواري جارَتي مَأْواها @@ والطَّرْفُ : الجَفْنُ أيضاً ، يقال : ما طَبَّق طَرْفَه - أي : جَفْنَه - على الآخر ، والطَّرْفُ أيضاً تحريكُ الجَفْن . قوله : { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } يجوز أن يكونَ استئنافاً ، وأن يكون حالاً ، والعاملُ فيه : إمَّا " يَرْتَدُّ " ، وإمَّا ما قبله من العوامل . وأفرد " هواء " وإن كان خبراً عن جمعٍ لأنه في معنى : فارغة متخرِّقة ، ولو لم يقصِدْ ذلك لقال : " أَهْوِيَة " ليُطابِقَ الخبرُ مبتدأه . والهواءُ : الخالي من الأجسام ، ويُعَبَّر به عن الجبن ، يقال : جَوْفُه هواءٌ ، أي : فارغ ، قال زهير : @ 2910 - كأن ارَّحْلَ منها فوق صَعْلٍ من الظَّلْمَانِ جُؤْجُؤُه هَواءُ @@ وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه : @ 2911 - … وأنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هواءُ @@ النَّخِب : الذي أَخَذْتَ نُخْبَته ، أي : خِيارَه .