Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 116-116)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ } : العامَّةُ على فتحِ الكافِ وكسرِ الذالِ ونصب الباءِ . وفيه أربعةُ أوجهٍ ، أظهرُها : أنه منصوبٌ على المفعولِ به وناصبُه " تَصِفُ " و " ما " مصدريةٌ ، ويكونُ معمولُ القولِ الجملةَ مِنْ قوله { هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ } و { لِمَا تَصِفُ } علةٌ للنهي عن القول ذلك ، أي : ولا تقولوا : هذا حَلالٌ وهذا حَرامٌ لأجل وَصْفِ ألسنتِكم الكذبَ ، وإلى هذا نحا الزجَّاجُ والكسائيُّ ، والمعنى : لا تُحَلِّلوا ولا تُحَرِّمُوا لأجلِ قولٍ تَنْطِقُ به ألسنتُكم من غير حُجَّةٍ . الثاني : أن ينتصِب مفعولاً به للقولِ ، ويكون قوله : { هَـٰذَا حَلاَلٌ } بدلاً مِنَ " الكذب " لأنه عينُه ، أو يكون مفعولاً بمضمرٍ ، أي : فيقولوا : هذا حَلالٌ وهذا حَرامٌ ، و { لِمَا تَصِفُ } علةٌ أيضاً ، والتقديرُ : ولا تقولوا الكذب لوصفِ ألسنتِكم . وهل يجوزُ أن تكونَ المسألةُ من التنازعِ على هذا الوجهِ ، وذلك : أن القولَ يَطْلُبُ " الكذب " و " تَصِفُ " أيضاً يطلبه ، أي : ولا تَقُولْوا الكذب لما تصفه ألسنتُكم ؟ فيه نظرٌ . الثالث : أن ينتصِبَ على البدلِ من العائدِ المحذوف على " ما " إذا قلنا : إنها بمعنى الذي ؛ التقدير : لِما تصفُه ، ذكر ذلك الحوفيُّ وأبو البقاء . الرابع : أن ينتصبَ بإضمار أعني ، ذكره أبو البقاء ، ولا حاجةَ إليه ، ولا معنى عليه . وقرأ الحسن وابن يعمر وطلحةُ " الكذبِ " بالخفضِ وفيه وجهان ، أحدُهما : أنه بدلٌ من الموصولِ ، أي : ولا تقولوا لوصفِ ألسنتِكم الكذبِ ، أو للذي تصفه ألسنتكم الكذبِ ، جعله نفسَ الكذبِ لأنه هو . والثاني : ذكره الزمخشري أن يكون نعتاً لـ " ما " المصدرية . ورَدَّه الشيخُ : بأنَّ النحاةَ نصُّوا على أن المصدرَ المنسبكَ مِنْ أنْ والفعلِ لا يُنْعَتُ ، لا يُقال " يعجبني أن تخرجَ السريعُ " ولا فرقَ بين هذا وبين باقي الحروفِ المصدرية . وقرأ ابن أبي عبلة ومعاذ بن جبل بضمِّ الكاف والذال ، ورفعِ الباءِ صفةً للألسنة كصَبُور وصُبُر ، أو جمع كاذِب كشارِف وشُرُف ، أو جمع " كِذاب " نحو : كِتاب وكُتُب . وقرأ مَسْلَمَةُ بنُ محارِبٍ فيما نقله ابن عطية كذلك ، إلا أنَّه نصب الباءَ ، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ ، ذكرها الزمخشري . أحدُها : أن تكونَ منصوبةً على الشتم ، يعني وهي في الأصل نعتٌ للألسنة كما في القراءة قبلها . الثاني : أن تكون بمعنى الكَلِمِ الكواذب ، يعني أنها مفعولٌ بها ، والعامل فيها : إمَّا " تَصِفُ " ، وإمَّ القولُ / على ما مرَّ ، أي : لا تقولوا الكَلِمَ الكواذبَ ، أو لِمَا تَصِفُ ألسنتُكم الكلمَ الكواذبَ . الثالث : أن يكونَ جمع الكِذاب مِنْ قولِك " كَذِب كِذاباً " يعني فيكون منصوباً على المصدر ؛ لأنه مِنْ معنى وَصْفِ الألسنةِ فيكون نحو : كُتُب في جمع كِتاب ، وقد قرأ الكسائيُّ : { وَلاَ كِذَاباً } بالتخفيف كما سيأتي في النبأ . قوله : " لِتَفْتَرُوا " في اللامِ ثلاثةُ أوجه ، أحدها : قال الواحدي : " إنه بدلٌ مِنْ { لِمَا تَصِفُ } لأنَّ وصفَهم الكذبَ هو افتراءٌ على الله " . قال الشيخ : " فهو على تقدير جَعْلِ " ما " مصدريةً ، أمَّا إذا كانت بمعنى الذي فاللامُ فيها ليست للتعليل فَيُبْدل منها ما يُفْهِمُ التعليلَ ، وإنما اللامُ في " لِما " متعلقةٌ بـ " لا تقولوا " على حَدِّ تَعَلُّقِها في قولك : لا تقولوا لِما أَحَلَّ اللهُ : هذا حرامٌ ، أي : لا تُسَمُّوا الحَلالَ حراماً وكما تقول : لا تقلْ لزيدٍ عمراً ، أي : لا تُطْلِقْ عليه هذا الاسمَ " . قلت : وهذا وإن كان ظاهراً ، إلاَّ أنه لا يمنع من إرادةِ التعليل ، وإنْ كانت بمعنى الذي . الثاني : أنها للصيرورة إذ لم يَفْعلوه لذلك الغرضِ . الثالث : أنها للتعليلِ الصريحِ ، ولا يَبْعُدُ أن يَصْدُرَ مثلُ ذلك .