Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 105-105)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ } : في الجارِّ ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنه متعلق بأَنْزَلْناه ، والباء سببية ، أي : أنزلناه بسبب الحق . والثاني : أنه حالٌ من مفعول " أنزلناه " ، أي : ومعه الحق . والثالث : أنه حالٌ من فاعِله ، أي : ملتبسين بالحقِّ . وعلى هذين الوجهين يتعلَّقُ بمحذوفٍ . والضمير في " أَنْزَلْناه " الظاهرُ عَوْدُه للقرآن : إمَّا الملفوظِ به في قولِه قبل ذلك { عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } [ الإِسراء : 88 ] ، ويكون ذلك جَرْياً على قاعدةِ أساليب كلامِهِم ، وهو أَنْ يستطردَ المتكلمُ في ذِكْر شيءٍ لم يَسْبِقْ له كلامُه أولاً ، ثم يعودُ إلى كلامِه الأولِ ، وإمَّا للقرآنِ غيرِ الملفوظ أولاً ؛ لدلالة الحالِ عليه كقولِه تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } [ القدر : 1 ] وقيل : يعودُ على موسى كقوله : { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ } [ الحديد : 25 ] . وقيل : على الوعد . وقيل : على الآيات التسعِ ، وذكَّر الضميرَ وأفرده حملاً على معنى الدليل والبرهان . قوله : { وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ } فيه الوجهان الأوَّلان دونَ الثالث لعدمِ ضميرٍ آخرَ غيرِ ضمير القرآن . وفي هذه الجملةِ وجهان ، أحدُهما : أنها للتأكيد ، وذلك أنه يُقال : أنزلْتُه فَنَزَل ، وأنزلْتُه فلا يَنْزِلْ ، فجيْءَ بقولِه { وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ } دَفْعاً لهذا الوهم . وقيل : ليست للتأكيد ، والمغايرةُ تَحْصُل بالتغاير بين الحقِّيْنِ ، فالحقُّ الأول التوحيد ، والثاني الوعدُ والوعيدُ والأمر والنهي . وقال الزمخشري : " وما أَنْزَلْنَا القرآنَ إلا بالحكمةِ المقتضية لإنزاله ، وما نَزَلَ إلا ملتبساً بالحق والحكمةِ لاشتماله على الهداية إلى كلِّ خير ، أو ما أَنْزَلْنَاه من السماء إلا بالحقِّ محفوظاً بالرَّصْدِ من الملائكةِ ، وما نَزَلَ على الرسول إلا محفوظاً بهم مِنْ تخليط الشياطين " . و " مبشِّراً ونذيراً حالان من مفعول أَرْسَلْنَاك " .