Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 17-17)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { تَّزَاوَرُ } : قرأ ابن عامر " تَزْوَرُّ " بزنةِ تَحْمَرُّ ، والكوفيون " تَزَاوَرُ " بتخفيفِ الزايِ ، والباقون بتثقِيلها . فـ " تَزْوَرُّ " بمعنى تميل من الزَّوَر وهو المَيَلُ ، وزاره بمعنى مال إليه ، وقول الزُّور : مَيّلٌ عن الحق ، ومنه الأَزْوَرُ وهو المائلُ بعينه وبغيرها . قال عمر بن أبي ربيعة : @ 3133 - … … وجَنْبي خِيفة القوم أَزْوَرُ @@ وقيل : تَزْوَرُّ بمعنى تَنْقَبِضُ مِنْ ازْوَرَّ ، أي : انقبضَ . ومنه قولُ عنترة : @ 3134 - فازْوَرَّ مَنْ وَقَعَ القَنا بلَبانِه وشكا إليَّ بعَبْرَةٍ وتَحَمْحُمِ @@ وقيل : مال . ومثلُه قولُ بِشْر بن أبي خازم : @ 3135 - يَؤُمُ بها الحداةُ مياهَ نَخْلٍ وفيها عن أبانَيْنِ ازْوِرارُ @@ أي : مَيْلٌ . وأما " تزاوَرُ " و " تَّوازَرُ " فأصلهما تَتَزاوَرُ بتاءين ، فالكوفيون حذفوا إحدى التائين ، وغيرُهم أَدْغم ، وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في " تَظَاهَرون " و " تَساءلون " ونحوِهما . ومعنى ذلك الميل أيضاً . وقرأ أبو رجاء والجحدري وابن أبي عبلة وأيُّوب السُّختياني " تَزْوَارُّ " بزنة تَحْمارُّ . وعبد الله وأبو المتوكل " تَزْوَئِرُّ " بهمزةٍ مكسورةٍ قبل راءٍ مشددة ، وأصلُها " تَزْوارُّ " كقراءة أبي رجاء ومَنْ معه ، وإنما كَرِهَ الجمعَ بين الساكنين ، فأبدل الألفَ همزةً على حدِّ إبدالها في " جَأَنّ " و " الضَّأَلِّين " . وقد تقدَّم تحقيقُه أولَ هذا التصنيف أخرَ الفاتحة . و { إِذَا طَلَعَت } معمولٌ لـ " تَرَى " أو لـ " تَزَاوَرُ " ، وكذا { إِذَا غَرَبَت } معمولٌ للأولِ أو للثاني وهو " تَقْرضهم " . والظاهرُ تمحُّضُه للظرفيةِ ، ويجوزُ أَنْ تكونَ شرطيةً . ومعنى " تَقْرِضُهم " تَقْطَعهُم لا تُقَرِّبهم ، لأنَّ القَرْضَ القَطْعُ ، من القَطِيعةِ والصَّرْم . قال ذو الرمة : @ 3136 - إلى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أقْواز مُشْرِفٍ شِمالاً ، وعن أَيْمَانِهِنَّ الفوارِسُ @@ والقَرْضُ : القَطْعُ . وتقدَّم تحقيقُه في البقرة . وقال الفارسي : " معنى تَقْرِضُهم : تُعْطيهم مِنْ ضوئِها شيئاً ثم تزولُ سريعاً كالقَرْضِ يُسْتَرَدُّ " . وقد ضُعِّف قولُه بأنه كان ينبغي أن يُقْرأ " تُقْرِضُهم " بضم التاء لأنه مِنْ أَقْرض . وقرئ " يَقْرِضهم " بالياء مِنْ تحتُ ، أي : الكهف ، وفيه مخالَفَةٌ بين الفعلين وفاعلِهما ، فالأَوْلى أن يعودَ على الشمس ويكون كقوله : @ 3137 - … ولا أرضَ أَبْقَلَ إبْقالَها @@ وهو قولُ ابنِ كَيْسان . و " ذات اليمين " و " ذات الشِّمال " ظرفا مكانٍ بمعنى جهةِ اليمين وجهةِ الشِّمال . قوله : { وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ } جملةٌ حاليةٌ ، أي : نفعلُ هذا مع اتساع مكانِهم ، وهو أعجبُ لحالِهم ، إذ كان ينبغي أَنْ تصيبَهم الشمسُ لاتِّساعِه . والفَجْوَةُ : المُتَّسَعُ ، من الفَجا ، وهو تباعدُ ما بين الفَخْذَين . يقال : رجلٌ أَفْجَى وامرأة فَجْواء ، وجمع الفَجْوَة فِجاءٌ كقَصْعَة وقِصاع . قوله : " ذلك " مبتدأٌ مُشار به إلى جميعِ ما تقدم مِنْ حديثهم . و " من " آياتِ الله " الخبرُ . ويجوز أن يكونَ " ذلك " خبرَ مبتدأ محذوفٍ ، أي : الأمرُ ذلك . و { مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } حالٌ .