Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 22-22)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { سَيَقُولُونَ } : قيل : إنما أُتي بالسِّينِ في هذا لأنَّ في الكلامِ طَيَّاً وإدْماجاً تقديرُه : فإذا أَجَبْتَهم عن سؤالِهم عن قصةِ أهلِ الكهفِ فَسَلْهُمْ عددِهم فإنهم سيقولون . ولم يأتِ بها في باقيةِ الأفعالِ لأنها معطوفةٌ على ما فيه السينُ فأُعْطِيَتْ حُكْمَه من الاستقبَال . وقرأ ابنُ محيصن " ثَلاثٌّ " بإدغامِ الثاءِ المثلثةِ في تاء التأنيث لقربِ مَخْرَجَيْهما ، ولأنهما مهموسان ، ولأنهما بعد ساكنٍ معتلٍّ . قوله : { رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ } الجملةُ في محلِّ رفعٍ صفةً لـ " ثلاثة " . قوله : " خَمْسَةٌ " قرأ ابن كثير في روايةٍ بفتحِ الميم ، وهي لغةٌ كعشَرَة . وقرأ ابن محيصن بكسرِ الخاءِ والميمِ ، وبإدغامِ التاءِ في السين ، يعني تاءَ " خمسة " في سين " سادسهم " وعي قراءةٌ ثقيلةٌ جداً ، تتوالى كسرتان وثلاثُ سيناتٍ ، ولا أظنُّ مثلَ هذا إلا غلطاً على مثلِه . ورُوِيَ عنه إدغامُ التنوينِ في السين مِنْ غيرِ غُنَّة . و " ثلاثةٌ " و " خمسةٌ " و " سبعةٌ " إخبارٌ لمبتدأ مضمرٍ ، أي : هم ثلاثةٌ ، وهم خمسةٌ ، وهم سبعةٌ . وما بعد " ثلاثة " و " خمسة " من الجملةِ صفةٌ لهما ، كما تقدَّم . ولا يجوزُ أَنْ تكونَ الجملةُ حالاً لعدم عاملٍ فيها ، ولا يجوزُ أن يكونَ التقديرُ : هؤلاء ثلاثةٌ ، وهؤلاء خمسةٌ ، ويكون العاملُ اسمَ الإِشارة أو التنبيه . قال أبو البقاء : " لأنَّها إشارةٌ إلى حاضرٍ ، ولم يُشيروا إلى حاضر " . قوله : { رَجْماً بِٱلْغَيْبِ } فيه أربعةُ أوجهٍ ، أحدها : أنه مفعولٌ مِنْ أجله ؛ يقولون ذلك لأجل الرمي بالغَيْب . والثاني : أنه في موضعِ الحال ، أي : ظانِّين . والثالث : أنَّه منصوبٌ بـ " يقولون " لأنه بمعناه . والرابع : أنه منصوبٌ بمقدَّرٍ مِنْ لفظه ، أي : يَرْجُمون بذلك رَجْماً . والرَّجْمُ في الأصلِ : الرَّمْيُ بالرِّجامِ وهي الحجارةُ الصِّغارُ ، ثم عُبِّر به عن الظنِّ . قال زهير : @ 3139 - وما الحربُ إلا ما عَلِمْتُمْ وذُقْتُمُ وما هو عنها بالحديثِ المُرَجَّمِ @@ أي : المَظْنُون . قوله : " وثامِنُهُم " في هذه الواوِ أوجهٌ ، أحدُها : أنها عاطفةٌ ، عَطَفَتْ هذه الجملةَ على جملةِ قولِه " هم سبعة " فيكونون قد أَخبَرو بخبرين ، أحدُهما : أنهم سبعةُ رجالٍ على البَتِّ . والثاني أنَّ ثامنَهم كلبُهم ، وهذا يُؤْذِنُ بأنَّ جملةَ قولِه { وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } مِنْ كلام المتنازِعِيْنَ فيهم . الثاني : أنَّ الواوَ للاستئنافِ ، وأنَّه مِنْ كلامِ الله تعالى أخبر عنهم بذلك . قال هذا القائلُ : وجيءَ بالواوِ لتعطي انقطاعَ هذا ممَّا قبله . الثالث : أنها الواوُ الداخلةُ على الصفةِ تأكيداً ، ودلالةً على لَصْقِ الصفةِ بالموصوفِ . وإليه ذهب الزمخشري ، ونَظَّره بقولِه : { مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } [ الحجر : 4 ] . ورَدَّ الشيخ عليه : بأنَّ أحداً من النحاة لم يَقُلْه ، وقد تقدَّم القولُ في ذلك . الرابع : أنَّ هذه تُسَمَّى واوَ الثمانية ، وأنَّ لغةَ قريش إذا عَدُّوا يقولون : خمسة ستة سبعة وثمانية تسعة ، فيُدْخلون الواوَ على عَقْدِ الثمانيةِ خاصة . ذكر ذلك ابن خالويه وأبو بكر راوي عاصم . قلت : وقد قال ذلك بعضُهم في قولِه تعالى : { وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } [ الآية : 73 ] في الزمر فقال : دخلَتْ في أبوابِ الجنة لأنها ثمانيةٌ ، ولذلك لم يُجَأْ بها في أبوابِ جهنم لأنها سبعةٌ وسيأتي هذا إن شاء الله . وقُرِئ : " كالبُهم " ، أي : صاحبُ كلبِهم . ولهذه القراءةِ قدَّرَ بعضُهم في قراءةِ العامة : وثامنُهم صاحبُ كلبِهم . وثلاثة وخمسة وسبعة مضافةٌ لمعدودٍ محذوفٍ فقدَّره الشيخ : ثلاثة أشخاص ، قال : " وإنما قدَّرْنا أشخاصاً لأنَّ رابعَهم اسمُ فاعلٍ أُضيف إلى الضمير ، والمعنى : أنه رَبَعَهم ، أي : جَعَلَهم أربعةً ، وصَيَّرهم إلى هذا العددِ ، فلو قدَّرْناه رجالاً استحال أن يُصَيِّر ثلاثةَ رجالٍ أربعةً لاختلافِ الجنسين " . وهو كلامٌ حسنٌ . وقال أبو البقاء : " ولا يَعْمل اسمُ الفاعلِ هنا لأنه ماضٍ " . قلت : يعني أن رابعَهم فيما مضى ، فلا يعمل النصبَ تقديراً ، والإِضافة محضة . وليس كما زعم فإنَّ المعنى على : يَصير الكلبُ لهم أربعةً ، فهو ناصبٌ تقديراً ، وإنما عَمِلَ وهو ماضٍ لحكاية الحالِ كباسِط .