Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 59-59)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ } : يجوزُ أَنْ يكونا مبتدأ وخبراً ، و " أهلكناهم " حينئذ : إمَّا خبرٌ ثانٍ أو حالٌ . ويجوز أن تكونَ " تلك " مبتدأ ، و " القرى " صفتها أو بيان لها أو بدل منها و " أَهْلكناها " الخبرُ . ويجوز أن يكون " تلك " منصوبَ المحل بفعلٍ مقدر على الاشتغال . والضميرُ في " أَهْلَكْناهم " عائدٌ على " أهل " المضافِ إلى القرى ، إذ التقديرُ : وأهل تلك القُرى ، فراعى المحذوفَ فأعاد عليه الضميرَ . وتقدَّم ذلك في أول الأعراف . و { لَمَّا ظَلَمُواْ } يجوُ أَنْ يكونَ حرفاً ، وأن يكونَ ظرفاً وقد عُرِف ما فيها . قوله : " لِمَهْلِكِهِمْ " قرأ عاصم " مَهْلَك " بفتح الميم ، والباقون بضمها ، وحفصٌ بكسر اللام . والباقون بفتحها . فتحصَّل مِنْ ذلك ثلاثُ قراءاتٍ ، لعاصم قراءتان : فتحُ الميم / مع فتحِ اللامِ ، وهي روايةُ أبي بكرٍ عنه . والثانية فتح الميم مع كسر اللام وهي روايةُ حفصٍ عنه . والثالثةُ : ضمُّ الميمِ وفتحُ اللام ، وهي قراءةُ الباقين . فأمَّا قراءةُ أبي بكر فـ " مَهْلَك " فيها مصدرٌ مضافٌ لفاعلِه . وجوَّز أبو عليّ أن يكونَ مضافاً لمفعوله . وقال : " إنَّ " هَلَك " يتعدَّى دون همز وأنشد : @ 3174 - ومَهْمَهٍ هالكٍ مَنْ تعرَّجا @@ فـ " مَنْ " معمولٌ لـ " هالكٍ " وقد مَنَع الناسُ ذلك وقالوا : لا دليلَ في البيتِ لجواز أن يكونَ مِنْ بابِ الصفةِ المشبهةِ . والأصل : هالك مَنْ تعرَِّجا . فـ " مَنْ تعرَّج " فاعلٌ بهالك ، ثم أَضْمر في " هالِك " ضميرَ " مَهْمه " ونَصَبَ " مَنْ تعرَّج " نَصْبَ " الوجهَ " في قولِك : " مَرَرْتُ برجلٍ حَسَنِ الوجهَ " ثم أضاف الصفة وهي " هالك " إلى معمولها ، فالإِضافةُ مِنْ نصبٍ ، والنصبُ مِنْ رفعٍ . فهو كقولك : " زيدٌ منطلقُ اللسان ومنبسط الكفِّ " ، ولولا تقديرُ النصبِ لامتنعَتِ الإِضافةُ ؛ إذ اسمُ الفَاعلِ لا يُضاف إلى مرفوعِه . وقد يُقال : لا حاجةَ إلى تقديرِ النصب ، إذ هذا جارٍ مَجْرَى الصفةِ المشبهة ، والصفةُ المشبهةُ تُضافُ إلى مرفوعها ، إلا أنَّ هذا مبنيٌّ على خلافٍ آخر وهو : هل يقعُ الموصولُ في بابِ الصفة أم لا ؟ والصحيح جوازه . قال الشاعر : @ 3175 - فَعُجْتُها قِبََلَ الأخيار منزلةً والطيِّبي كلِّ ما التاثَتْ به الأُزُرُ @@ وقال الهذلي : @ 3176 - أَسِيْلاتُ أبدانٍ دِقاقٌ خُصورُها وَثِيراتُ ما التفَّتْ عليها الملاحِفُ @@ وقال الشيخ في قراءة أبي بكر هذه : " إنه زمانٌ " ولم يذكرْ غيرَه . وجوَّز غيرُه فيه الزمانَ والمصدرَ . وهو عجيبٌ ؛ فإنَّ الفعلَ متى كُسِرَتْ عينُ مضارعِهِ فُتِحَتْ في المَفْعَل مراداً به المصدرُ ، وكسِرَتْ فيه مراداً به الزمانُ والمكانُ ، وكأنه اشتبهَتْ عليه بقراءةِ حفصٍ فإنَّه بكسرِ اللام كما تقدَّم ، فالمَفْعِلُ منه للزمانِ والمكان . وجوَّز أبو البقاء في قراءته أَنْ يكونَ المَفْعِل فيها مصدراً . قال : " وشَذَّ فيه الكسرُ كالمَرْجِعِ " . وإذا قلنا إنه مصدرٌ فهل هو مضافٌ لفاعِله أو مفعولِه ؟ يجيءُ ما تقدَّم في قراءةِ رفيقِه . وتخريجُ أبي عليّ واستشهادُه بالبيت والردُّ عليه ، كلُّ ذلك عائدٌ هنا . وأمَّا قراءةُ الباقين فواضحةٌ . و " مُهْلَك " فيها يجوز أن يكونَ مصدراً مضافاً لمفعولِه ، وأَنْ يكون زماناً ، ويَبْعُدُ أن يُرادَ به المفعولُ ، أي : وجَعَلْنا للشخصِ أو الفريقِ المُهْلِكِ منهم . والمَوْعِدُ : مصدرٌ أو زمان .