Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 77-77)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا } : جواب " إذا " ، أي : سألاهم الطعامَ . وفي تكريرِ " أهلَها " وجهان ، أحدهما : أنه توكيدٌ من بابِ إقامةِ الظاهر مُقامِ المضمر كقوله : @ 3184 - لا أرى الموتَ يَسْبِقُ الموتَ شيءٌ نغَّصَ الموتُ ذا الغِنى والفقيرا @@ والثاني : أنَّه للتأسيسِ ؛ وذلك أنَّ الأهلَ المَأْتِيِّين ليسوا جميعَ الأهل ، إنما هم البعضُ ، إذ لا يمكن أَنْ يأتيا جميعَ الأهلِ في العادة في وقتٍ واحد ، فلمَّا ذَكَرَ الاستطعامَ ذكره بالنسبة إلى جميع الأهل كأنهما تَتَبَّعا الأهلَ واحداً واحداً ، فلو قيل : استطعماهم لاحتمل أنَّ الضميرَ / يعودُ على ذلك البعضِ المأتِيِّ دونَ غيرِه ، فكرَّر الأهلَ لذلك . قوله : { أَن يُضَيِّفُوهُمَا } مفعولٌ به لقولِه " أبَوْا " . والعامَّة على التشديد مِنْ ضَيَّفَه يُضَيِّفه . والحسن وأبو رجاء وأبو رزين بالتخفيف مِنْ : أضافَه يُضيفه وهما مثل : مَيَّله وأماله . قوله : { أَن يَنقَضَّ } مفعولُ الإِرادة . و " انقَضَّ " يُحتمل أن يكونَ وزنُه انْفَعَلَ ، من انقِضاضِ الطائرِ أو مِنْ القِضَّة وهي الحَصَى الصِّغار . والمعنى : يريدُ اَنْ يتفتَّتَ كالحصى ، ومنه طعامٌ قَضَضٌ إذا كان فيه حَصَى صِغارٌ . وأن يكونَ وزنُه افْعَلَّ كاحْمَرَّ مِن النَّقْضِ يقال : نَقَضَ البناءَ يَنْقُضُه إذا هَدَمه . ويؤيِّد هذا ما في حرفِ عبدِ الله وقراءةِ الأعمش " يريد ليُنْقَضَ " مبنياً للمفعول واللامِ ، كهي في قولِه { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ] . وما قرأ به اُبَيٌّ كذلك إلا أنَّه { يُرِيدُ أَن يُنقَضَ } بغير لام كي . وقرأ الزُّهْري " أنْ يَنْقَاضَ " بألفٍ بعد القاف . قال الفارسيُّ : " هو مِنْ قولهم قِضْتُه فانقاضَ " أي : هَدَمْتُه فانهدم " . قلت : فعلى هذا يكونُ وزنُه يَنْفَعِل . والأصل انْقَيَض فَأُبْدِلَت الياءُ ألفاً . ولمَّا نَقَل أبو البقاء هذه القراءةَ قال : " مثل : يَحْمارّ " ومقتضى هذا التشبيه أن يكونَ وزنُه يَفْعالَّ . ونقل أبو البقاء أنه قُرِئ كذلك بتخفيفِ الضاد قال : " وهو مِنْ قولِك : انقاضَ البناءُ إذا تهدَّم " . وقرأ عليٌّ أميرُ المؤمنين رضي الله عنه وعكرمة في آخرين " يَنْقاص " بالصاد مهملةً ، وهو مِنْ قاصَه يَقِيْصُه ، أي : كسره . قال ابنُ خالويه : " وتقول العرب " انقاصَتِ السِّنُّ : إذا انشقَّتْ طولاً " . وأُنْشِدُ لذي الرُّمَّة : @ 3185 - … … مُنْقاصٌ ومُنْكِثبُ @@ وقيل : إذا تَصَدَّعَتْ كيف كان . وأُنْشِد لأبي ذؤيب : @ 3186ـ فِراقٌ كقَيْصِ السِّنِّ ، فالصَّبْرَ إنَّه لكلِّ أُناسٍ عَثْرَةٌ وجُبورُ @@ ونسبةُ الإِرادةِ إلى الجدارِ مجازٌ وهو شائعٌ جداً . ومِنْ أنكر المجازَ مطلقاً أو في القرآنِ خاصةً تَأَوَّلَ ذلك على أنه خُلِقَ للجِدار حياةٌ وإرادة كالحيوانات . أو أنَّ الإِرادةَ صدرت من الخَضِرِ ليَحْصُلَ له ولموسى من العَجَبِ . وهو تَعَسُّفٌ كبيرٌ . وقد أنحى الزمخشريُّ على هذا القائِل إنحاءً بليغاً . قوله : " لاتَّحّذْتَ " قرأ ابن كثير وأبو عمرو " لتَخِذْتَ " بفتح التاءِ وكسرِ الخاءِ مِنْ تَخِذَ يَتْخَذُ كتَعِبَ ويتعَبُ . والباقون : : لاتَّخَذْتَ " بهمزةِ الوصلِ وتشديدِ التاءِ وفتحِ الخاءِ مِنَ الاتِّخاذ . واختُلِفَ : هل هما مِن الأَخْذ ، والتاءُ بدلٌ من الهمزة ، ثم تُحْذَفُ التاءُ الأولى فيُقال : تَخِذَ ، كتَقِيَ مِنْ اتَّقَى نحو : @ 3187 - … تَقِ اللهَ فينا والكتابَ الذي تَتْلُوْ @@ أم هما مِنْ تَخِذَ والتاءُ أصيلةٌ ، ووزنُهما فَعِل وافْتَعَل ؟ قولان تقدَّم تحقيقُهما في هذا الموضوع . والفِعْلُ هنا على القراءتين متعدٍّ لواحدٍ لأنَّه بمعنى الكسب .