Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 91-91)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَن دَعَوْا } : في محلِّه خمسةُ اوجه ، أحدها : أنه في محلِّ نصبٍ على المفعولِ مِنْ أجله . قاله أبو البقاء والحوفي ، ولم يُبَيِّنا : ما العاملُ فيه ؟ ويجوز أَنْ يكونَ العاملُ " تكاد " أو " تَحِزُّ " أو " هَدَّاً " أي : تَهِدُّ لأَنْ دَعَوْا ، ولكنَّ شَرْطَ النصبِ فيها مفقودٌ وهو اتِّحادُ الفاعلِ في المفعولِ له والعاملِ فيه ، فإن عَنَيَا أنه على إسقاطِ اللامِ - وسقوطُ اللامِ يَطَّرِدُ مع أنْ - فقريبٌ . وقال الزمخشري : " وأَنْ يكونَ منصوباً بتقديرِ سقوطِ اللام وأفضاءِ الفعلِ ، أي : هدَّاً لأَنْ دَعَوْا ، عَلَّلَ الخرورَ بالهدِّ ، والهدِّ بدعاءِ الوَلَدِ للرحمن " . فهذا تصريحٌ منه بأنَّه على إسقاطِ الخافضِ ، وليس مفعولاً له صريحاً . الوجه الثاني : أَنْ يكونَ مجروراً بعد إسقاطِ الخافض ، كما هو مذهبُ الخليلِ والكسائي . والثالث : أنه بدلٌ من الضمير في " مِنْه " كقولِه : @ 3261 - على حالةٍ لو أنَّ في القومِ حاتماً على جودِهِ لضَنَّ بالماءِ حاتِمِ @@ بجر " حاتم " الأخير بدلاً من الهاء في " جودِه " . قال الشيخ : " وهو بعيدٌ لكثرةِ الفصلِ بين البدلِ والمبدلِ منه بجملتين " . الوجه الرابع : أَنْ يكونَ مرفوعاً بـ " هَدَّاً " . قال الزمخشري أي : هَدَّها دعاءُ الولدِ للرحمن " . قال الشيخ : " وفيه بُعْدٌ لأنَّ الظاهرَ في " هَدَّاً " أن يكونَ مصدراً توكيدياً ، والمصدرُ التوكيديُّ لا يعملُ ، ولو فَرَضْناه غيرَ توكيديّ لم يَعْمَلْ بقياسٍ إلا إنْ كان أمراً أو مستفهماً عنه نحو : " ضَرْباً زيداً " و " أضَرْباً زيداً " على خلافٍ فيه . وأمَّا إنْ كان خبراً ، كما قدَّره الزمخشري " أي : هَدَّها دعاءُ الوَلَدِ للرحمن " فلا يَنْقاس ، بل ما جاءَ من ذلك هو نادرٌ كقولِ امرِئ القيس : @ 3262 - وُقوفاً بها صَحْبِيْ عليَّ مطيَّهم يقولون : لا تَهْلَِكَ أَسَىً وتجمَّلِ @@ أي : وقف صحبي . الخامس : أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ تقديرُه : المٌوْجِبُ لذلك دعاؤهم ، كذا قَدَّره أبو البقاء . و " دَعا " يجوزُ أَنْ يكونَ بمعنى سَمَّى فيتعدَّى لاثنين ، ويجوز جَرُّ ثانيهما بالباءِ . قال الشاعر : @ 3263 - دَعَتْنِي أخاها أمُّ عمروٍ ولم أكنْ أخاها ولم أَرْضَعْ بلَبانِ دَعَتْني أخاها بعد ما كان بينَنا من الفعلِ ما لا يَفْعَلُ الأَخَوانِ @@ وقول الآخر : @ 3264 - ألا رُبَّ من يُدْعَى نَصيحاً وإنْ يَغِبْ تَجِدْه بغَيْبٍ منكَ غيرَ نَصِيْحِ @@ وأوَّلُهما في الآية محذوفٌ . قال الزمخشري : " طلباً للعموم والإِحاطة بكلِّ ما يُدْعَى له ولداً . ويجوز أن يكونَ مِنْ " دعا " بمعنى نَسَبَ الذي مُطاوِعُه ما في قولِه عليه السلام " مَنِ ادَّعَى إلى غير مَوالِيه " وقول الشاعر : @ 3265 - إنَّا بني نَهْشَلٍ لا نَدَّعِيْ لأَبٍ عنه ولا هو بالأَبْناءِ يَشْرِيْنا @@ أي : لا نَنْتَسِبُ إليه .