Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 93-93)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } : يجوز في " مَنْ " أن تكونَ نكرةً موصوفة ، وصفتُها الجارُّ بعدها . ولم يذكر أبو البقاء غيرَ ذلك ، وكذلك الزمخشري . إلا أنَّ ظاهرَ عبارتِه يقتضي أنه لا يجوز / غيرُ ذلك ، فإنه قال : " مَنْ موصوفةٌ ؛ فإنها وقعَتْ بعد كل نكرةٍ وقوعَها بعد " رُبَّ " في قولِه : @ 3266 - رُبَّ مَنْ أنضجْتُ غيظاً صدرَه … @@ انتهى . ويجوز أن تكونَ موصولةً . قال الشيخ : " أي : ما كلُّ الذي في السماوات ، و " كُلٌّ " تدخلُ على " الذي " لأنها تأتي للجنسِ كقولِه تعالى : { وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } [ الزمر : 33 ] ونحوه : @ 3267 - وكلُّ الذي حَمَّلْتني أَتَحَمَّلُ … @@ يعني أنَّه لا بدَّ مِنْ تأويلِ الموصول بالعموم حتى تَصِحَّ إضافةُ " كل " إليه ، ومتى أُريد به معهودٌ بعينِه شَخَص واستحال إضافةُ " كل " إليه . و { آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ } خبرُ " كلُّ " جُعِل مفرداً حَمْلاً على لفظِها ولو جُمع لجاز وقد تقدَّم أولَ هذا الموضوعِ أنها متى أُضيفت لمعرفةٍ جاز الوجهان . وقد تكلَّم السهيليُّ في ذلك فقال : " كُلٌّ " إذا ابْتُدِئَتْ ، وكانتْ مضافةً لفظاً - يعني لمعرفةٍ - فلا يَحْسُنُ إلا إفرادُ الخبرِ حَمْلاً على المعنى . تقول : كلُّكم ذاهبٌ ، أي : كلُّ واحدٍ منكم ذاهبٌ ، هكذا هذه المسألةُ في القرآنِ والحديثِ والكلامِ الفصيح . فإنْ قلت : في قولِه : { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ } [ مريم : 95 ] إنما هو حَمْلٌ على اللفظ لأنه اسمٌ مفردٌ . قلنا : بل هو اسم للجمع ، واسمُ الجمع لا يُخْبَرُ عنه بإفراد . تقول : " القومُ ذاهبون " ولا تقولُ : ذاهبٌ ، وإن كان لفظُ " القوم " لفظَ المفردِ . وإنما حَسُن " كلُّكم ذاهب " لأنهم يقولون : كلُّ واحدٍ منكم ذاهبٌ ، فكان الإِفرادُ مراعاةً لهذا المعنى " . قال الشيخ : " ويَحتاج " كلُّكم ذاهبون " ونحوُه إلى سَماعٍ ونَقْلٍ عن العرب " . يُقَرِّر ما قاله السهيليُّ . قلت : وتسميةُ الإِفرادِ حَمْلاً على المعنى غيرُ الاصطلاحِ ، بل ذلك حَمْلٌ على اللفظ ، الجمعُ هو الحَمْلُ على المعنى . وقال أبو البقاء : " وَوُحِّدَ " آتِيْ " حَمْلاً على لفظ " كل " وقد جُمِعَ في موضعٍ آخرَ حَمْلاً على معناها " . قلت : قوله في موضعٍ آخرَ إنْ عَنَى في القرآن فلم يأتِ الجمعُ إلا " وكلٌّ " مقطوعةٌ عن الإِضافة نحو : { كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [ الأنبياء : 33 ] { وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } [ النمل : 87 ] وإنْ عَنَى في غيرِه فيَحْتاج إلى سماعٍ عن العرب كما تقدَّم . والجمهورُ على إضافة " آتِي " إلى " الرحمن " . وقرأ عبد الله بن الزبير وأبو حيوة وطلحة وجماعة بتنوينه ونصبِ " الرحمن " . وانتصبَ " عَبْداً " و " فَرْداً " على الحال .