Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 113-113)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ٱلْيَهُودُ } : اليهودُ مِلَّةٌ معروفةٌ ، والياءُ فيه أصليةُ لثبوتِها في التصريفِ ، وليست من مادَّةِ هَوَد من قوله : { هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [ البقرة : 111 ] وقد تقدَّم أن الفراء يَدَّعي أنَّ " هوداً " أصلُه : يَهود فَحُذِفت ياؤُه ، وتقدَّم أيضاً عند قولِه : " والذين هادوا " أنَّ اليهودَ نسبةُ ليهوذا ابن يعقوب . وقال الشلوبين : " يَهُود فيها وجهان ، أحدُهما : أن تكونَ جمعَ يهودي فتكونَ نكرةً مصروفةً . والثاني : أَنْ تكونَ عَلَماً لهذه القبيلةِ فتكونَ ممنوعةُ من الصرف . انتهى ، وعلى الأولِ دَخَلَتْ الألفُ واللامُ ، وعلى الثاني قولُه : @ 681 أولئك أَوْلَى من يهودَ بمِدْحَةٍ إذا أنتَ يوماً قُلْتَها لم تُؤَنَّبِ @@ وقال : @ 682 فَرَّتْ يهودُ وأَسْلَمَتْ جيرانُها … @@ ولو قيل بأنَّ " يهود " منقولٌ من الفعلِ المضارع نحو : يَزيد ويشكر لكان قولاً حسناً . ويؤيِّدُه قولُهم : سُمُّوا يهوداً لاشتقاقِهم من هاد يَهُود إذا تَحَرَّك . قوله : { لَيْسَتِ ٱلنَّصَارَىٰ } " ليس " فعلٌ ناقصٌ أبداً من أخواتِ كان ولا يتصرَّفُ ووزنُه على فَعِل بكسر العين ، وكان من حقِّ فائِه أن تُكْسَرَ إذا أُسْنِدَ إلى تاء المتكلم ونحوِها دلالةًعلى الياءِ مثل : شِئْتُ ، إلا أنه لَمَّا لم يتصرَّفْ بقيت الفاءُ على حالِها ، وقال بعضُهم : لُسْتُ بضم الفاء ، ووزنُه على هذه اللغة : فَعُل بضم العين ، ومجيء فَعُل بضمِّ العينِ فيما عينُه ياءٌ نادر ، لم يَجيء منه إلا " هَيُؤَ الرجلُ " إذا حَسُنَتْ هيئتُه . وكونُ " ليس " فعلاً هو الصحيحُ خلافاً للفارسي في أحدِ قولَيْه ومَنْ تابَعَه في جَعْلِها حرفاً كـ " ما " ويَدُل على فعليَّتها اتصالُ ضمائرِ الرفعِ البارزةِ بها ، ولها أحكامٌ كثيرةٌ . و " النصارى " اسمُها ، و " على شيء " خبرُها ، وهذا يَحْتمِل أن يكونَ ممَّا حُذِفَتْ فيه الصفةُ ، أي على شيء مُعْتَدٍّ به كقولِه : " إنه ليس من أهلِك " أي : أهلِك الناجين ، [ وقوله : ] @ 683 ـ … … لقد وَقَعْتِ على لَحْمِ @@ أي : لحمٍ عظيمٍ وأَنْ يكونَ نفياً على سبيلِ المبالَغَةِ ، فإذا نُفِي إطلاقُ الشيء على ما هُمْ عليه مع أنَّ الشيء يُطْلق على المعدومِ عند بعضهم كان ذلك مبالغةً في عدمِ الاعتدادِ به ، وصارَ كقولهم : " أقَلُّ من لا شيء " . قوله : { وَهُمْ يَتْلُونَ } جملةٌ حالية . وأصل يَتْلُون : يَتْلُوُوْنَ فأُعِلَّ بحذفِ اللام وهو ظاهر . قوله : { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } في هذا الكافِ قولان ، أحدُهما : أنها في محلِّ نصبٍ وفيها حينئذ تقديران ، أحدُهما : أنَّها نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ قُدِّم على عامِله تقديرُه : قولاً مثلَ ذلك القولِ قالَ الذين لا يعلمون . الثاني : أنها في محلِّ نصبٍ على الحالِ من المصدرِ المعرفةِ المضمرِ الدالِّ عليه " قال " تقديرُه : مثلَ ذلك القولِ قاله أي : قال القولَ الذين لا يعلمون حالَ كونِه مثلَ ذلك القولِ ، وهذا رأيُ سيبويه والأول رأيُ النحويين كما تقدَّم غيرَ مرة . وعلى هذين القولَيْن ففي " مثلَ قولهم " وجهان ، أحدُهما : أنه منصوبٌ على البدلِ من موضعِ الكاف . الثاني من الوجهين : أنه مفعولٌ به العاملُ فيه " يَعْلمون " ، أي : الذين لا يعلمون مثلَ مقالةِ اليهود والنصارى مثلَ مقالهم ، أي : إنهم قالوا ذلك على سبيلِ الاتفاقِ ، وإن كانوا جاهلين بمقالةِ اليهود والنصارى . الثاني من القولين : أنَّها في محلِّ رفعٍ بالابتداء ، والجملةُ بعدها خبرٌ ، والعائدُ محذوفٌ تقديرُه : مثلَ ذلك قاله الذين لا يعلمون ، وانتصابُ " مثلَ قولهم " حينئذٍ إمَّا : على أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ أو مفعولٌ بيعلمون تقديرُه مثلَ قولِ اليهودِ والنصارى قالَ الذينَ لا يعلمون اعتقادَ اليهود والنصارى . ولا يجوزُ أَنْ ينتصِبَ نصبَ المفعولِ بقال لأنه أَخَذَ مفعولَه وهو العائدُ على المبتدأ ، ذكر ذلك أبو البقاء ، وفيه نظرٌ من وجهين : أحدُهما : أنَّ الجمهورَ يأبي جَعْلَ الكافِ اسماً . والثاني : حَذْفُ العائدِ المنصوبِ ، والنحويون ينصُّون على مَنْعِه ويجعلون قولَه : @ 684 وخالِدٌ يَحْمَدُ ساداتُنا بالحقِّ لا يُحْمَدُ بالباطِلِ @@ ضرورةً ، وللكوفيين في هذه المسألةِ تفصيلٌ . قوله : { بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } منصوبان بيحكُمُ ، و " فيه " متعلق بيختلفون .