Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 136-136)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قُولُوۤاْ } : في هذا الضمير قولان ، أحدُهما : أنَّه للمؤمنينِ والمرادُ بالمُنَزَّلِ إليهم القرآنُ على هذا . والثاني : أنه يعودُ على القائلين كونوا هوداً أو نصارى ، والمرادُ بالمُنَزَّل إليهم : إمّا القرآنُ وإمَّا التوراةُ والإِنجيلُ ، وجملةُ " آمنَّا " في محلِّ نَصْبِ بقولوا ، وكرَّر الموصول في قولِه : { وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } لاختلافِ المنزَّلِ إلينا والمُنزَّلِ إليه ، فلو لم يكرِّر لأوْهَمَ أن المنزَّلَ إلينا هو المنزَّلُ إليه ، ولم يكرِّر في " عيسى " لأنه لم يخالِفْ شريعةَ موسى إلا في نَزْر يَسير ، فالذي أوتيه عيسى هو عينُ ما أُوتيه موسى إلاَّ يسيراً ، وقُدِّم المنزَّلُ إلينا في الذِّكرْ وإِنْ كان متأخراً في الإِنزال تشريفاً له . والأسْباط : جمعُ " سِبْط " وهم في وَلَدِ يعقوبَ كالقبائل في وَلَدِ إسماعيلً . واشتقاقُهم من السَّبْط وهو التتابعُ ، سُمُّوا بذلك لأنهم أمة متتابعون . وقيل : هو مَقْلُوبٌ من البَسْط ، وقيل : مِنْ " السَّبَط : بالتحريك جمع " سَبَطة " وهو الشجرُ الملتفُّ . وقيل للحَسَنَيْن سِبْطا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لانتشارِ ذرِّيَّتهم ، ثم قيل لكل ابن بنت : " سِبْط " . قوله : { وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ } يجوزُ في " ما " وجهان ، أحدُهما : أَنْ تكونَ في محلِّ جرٍّ عطفاً على المؤمَنِ به وهو الظاهرُ . والثاني : أنَّها في محلِّ رفعِ بالابتداءِ ، ويكونُ { وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ } عطفاً عليها ، وفي الخبرِ وجهان ، أحدُهما : أن يكونَ " مِنْ ربهم " . والثاني : أن يكون " لا نفرِّقُ " هكذا ذَكِرَ الشيخ ، إلا أنَّ في جَعْلِه " لا نفرِّقُ " خبراً عن " ما " نظراً لا يَخْفى من حيثُ عدمُ عودِ الضميرِ عليها . ويجوزُ أن تكونَ " ما " الأولى عطفاً على المجرورِ ، وما الثانيةُ مبتدأةً وفي خبرها الوجهانِ ، وللشيخ أن ينفصِلَ عن عدمِ عَوْدِ الضميرِ بأنَّه محذوفٌ تقديرُه : لا نفرِّق فيه ، وحَذْفُ العائدِ المجرورِ بـ " في " مطَّردٌ كَما ذَكَر بعضُهم ، وأنشد : @ 745 فيومٌ علينا ويومٌ لنا ويومٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّ @@ أي : نُساء فيه ونُسَرُّ فيه . قوله : { مِن رَّبِّهِمْ } فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها - وهو الظاهرُ - أنَّه في محلِّ نصبٍ ، و " مِنْ " لابتداءِ الغايةِ ، ويتعلَّقُ بـ " أُوتِيَ " الثانيةِ إن أَعَدْنا الضميرَ على النبيين فقط دونَ موسى وعيسى أو بـ " أوْتِيَ " الأولى ، وتكونُ الثانيةُ تكراراً لسقوطِها في آل عمران إنْ أَعَدْنَا الضميرَ على موسى وعيسى والنبيِّين ، الثاني : أن يكون في محلِّ نصبٍ على الحالِ من العائدِ على الموصولِ فيتعلَّقَ بمحذوفٍ تقديرُه : وما أُوتيه كائناً من ربهم الثالث : انه في محلَّ رفعٍ لوقوعِه خبراً إذا جَعَلْنا " ما " مبتدأً وقد تقدَّم تحقيقُه . قوله : { بَيْنَ أَحَدٍ } متعلِّقُ بـ " لا نُفَرِّقُ " ، وفي " أحد " قولان أظهرُهما : أنَّه الملازِمُ للنفي الذي همزتُه أصليةٌ فهو للعمومِ وتحته أفرادٌ ، فلذلك صَحَّ دخولُ " بين " عليه مِنْ غيرِ تقديرِ معطوفٍ نحو : " المالُ بين الناس " . والثاني : أنه الذي همزتُه بدلٌ من واوٍ بمعنى واحد ، وعلى هذا فلا بدَّ من تقديرِ معطوفٍ ليَصِحَّ دخولُ " بَيْنَ " على متعددٍ ، ولكنه حُذِفَ لفَهْمِ المَعْنى ، والتقدير : بين أحدٍ منهم ، ونظيرُه ومثلُه قولُ النابغة : @ 746 فما كان بين الخيرِ لو جاءَ سالماً أبو حُجُرٍ إلا ليالٍ قلائِلُ @@ أي : بين الخير وبيني . و " له " متعلِّقٌ بمسلمون ، قُدِّم للاهتمامِ به لعَوْدِ الضميرِ على الله تعالى أو لتناسُبِ الفواصل .