Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 160-161)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } : فيه وجهان ، أحدُهما : أَنْ يكونَ استثناءً متصلاً ، والمستثنى منه هو الضميرُ في " يلعنهم " . والثاني : أن يكونَ استثناءً منقطعاً لأنَّ الذين كَتَمُوا لُعِنوا قبل أن يتوبوا ، وإنما جاء الاستثناءُ لبيان قَبولِ التوبة ، لأنَّ قوماً من الكاتمين لم يُلْعَنوا ، ذكر ذلك أبو البقاء وليس بشيء . قوله : { وَمَاتُوا } هذه واوُ الحال ، والجملةُ في محلِّ نصبٍ على الحال ، وإثباتُ الواو هنا أفصحُ خلافاً للفراء والزمخشري حيث قالا : إنَّ حذفَها شاذ . وقوله : { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ } " أولئك " مبتدأ ، و " عليهم لعنةُ اللهِ " مبتدأً وخبرٌ ، خبرٌ عن أولئك ، وأولئك وخبرُه خبرٌ عن " إنَّ " . ويجوزُ في " لَعنةُ " ، الرفعُ بالفاعليةِ بالجارِّ قبلها لاعتمادِها فإنه وقع خبراً عن " أولئك " وتقدَّم تحريرُه في { عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ } [ البقرة : 157 ] قوله : { وَٱلْمَلاۤئِكَةِ } الجمهورُ على جَرِّ الملائكة نَسفَاً على اسمِ الله . وقرأ الحسن بالرفع : { وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } ، وخَرَّجَها النحويون على العطفِ على موضعِ اسمِ الله تعالى ، فإنَّه وإنْ كان مجروراً بإضافةِ المصدرِ إليه فموضعُه رفعٌ بالفاعليةِ لأنَّ هذه المصدرَ ينحلُّ لحرفٍ مصدريٍ وفِعْلٍ ، والتقدير : أَنْ لَعَنَهم ، أو أَنْ يَلْعَنَهم اللهُ ، فَعَطَفَ " الملائكةُ " على هذا التقدير ، قال الشيخ : " وهذا ليس بجائزٍ على ما تقرَّر من العطفِ على الموضعِ ، فإنَّ مِنْ شرطِه أن يكونَ ثَمَّ مُحْرِزٌ للموضع وطالبٌ له ، والطالبُ للرفعِ وجودُ التنوينِ في المصدرِ ، هذا إذا سَلَّمْنا أن " لعنة " تَنْحَلُّ لحرفٍ مصدري وفِعْلٍ ، لأنَّ الانحلالِ لذلك شرطُه أَنْ يُقْصَدَ به العلاج ، ألا ترى أنَّ قولَه : { أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [ هود : 18 ] ليس المعنى على تقديرِ : أَنْ يَلْعَنَ اللهُ على الظالمين ، بل المرادُ اللعنةُ المستقرةُ ، وأضيفت لله تعالى على سبيلِ التخصيص لا على سبيل الحدوث " ونقلَ عن سيبويه أن قولَك : " هذا ضاربُ زيدٍ غداً وعمراً " بنصب " عمراً " أنَّ نصبَه بفعلٍ محذوفٍ ، وأبى أَنْ ينصِبَه بالعطفِ على الموضعِ ، ثم بعد تسليمِه ذلك كلَّه قال : " المصدرُ المنوَّنُ لم يُسْمَعْ بعدَه فاعلٌ مرفوعٌ ومفعولٌ منصوبٌ ، إنما قاله البصريون قياساً على أَنْ والفعل ومَنَعَه الفراء وهو الصحيح " . ثم إنَّه خَرَّجَ هذه القراءةَ الشاذة على أحدِ ثلاثةِ أوجه ، الأولُ : أَنْ تكونَ " الملائكةُ " مرفوعةً بفعلٍ محذوفٍ أي : وتَلْعَنُهم الملائكة ، كما نَصَبَ سيبويه " عمراً " في قولك : " ضاربُ زيدٍ وعمراً " بفعلٍ محذوفٍ . الثاني : أن تكونَ الملائكةُ عطفاً على " لعنة " بتقديرِ حَذْفِ مضافٍ : ولَعْنَةُ الملائكةِ ، فَلمَّا حُذِفَ المضافُ أٌقيم المضافُ إليه مُقامه . الثالث : أن يكونَ مبتدأً قد حُذِفَ خبرُه تقديره : والملائكةُ والناسُ أجمعون تَلْعَنُهم " . وهذه أوجهٌ متكلفة ، وإعمالُ المصدرِ المنونِ ثابتٌ ، غايةُ ما في الباب أنه قد يُحْذَفُ فاعله كقوله : { أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً } [ البلد : 14 ] وأيضاً فقد أَتْبَعَتِ العربُ المجرورَ بالمصدرِ على مَوْضِعَيْه رفعاً على الشاعر : @ 784 - … مَشْيَ الهَلوكِ عليها الخَيْعَلُ الفَضُلَ @@ برفع " الفُضُلُ " وهي صفةٌ للهَلوك على الموضعِ ؛ وإذا ثَبَتَ ذلك ، في النعتِ ثَبَتَ في العطفِ لأنهما تابعان من التوابعِ الخمسةِ . و " أجمعين " من ألفاظِ التأكيدِ المعنوي بمنزلة " كل " .