Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 201-201)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } : يجوز في الجار وجهان ، أحدهما : أن يتعلَّقَ بآتِنا كالذي قبله . والثاني : أجازه أبو البقاء أن يتعلَّقَ بمحذوف على أنه حالٌ من " حسنةً " لأنه كان في الأصل صفةً لها ، فلما قُدِّم عليها انتصَبَ حالاً . قوله : { وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً } هذه الواوُ عاطفةٌ شيئين على شيئين متقدمين . فـ " في الآخرة " عطفٌ على " في الدنيا " بإعادةِ العاملِ . و " حسنةً " عطفٌ على " حسنةٍ " . والواو تَعْطِفُ شيئين فأكثرَ على شيئين فأكثرَ . تقول : " أَعْلَمَ الله زيداً عمراً فاضلاً وبكراً خالداً صالحاً " اللهم إلا أن تنوبَ عن عاملين ففيها خلافٌ لأهلِ العربية وتفصيلٌ كثيرٌ يأتي في موضعِه إنْ شاء الله تعالى . وليس هذا كما زعم بعضهُم أنه من بابِ الفصلِ / بين حرفِ العطفِ وهو على حرفٍ واحد وبين المعطوفِ بالجار والمجرور ، وجعله دليلاً على أبي علي الفارسي حيث منع ذلك إلا في ضرورةٍ ؛ لأن هذا من باب عَطْفِ شيئين على شيئين كما ذكرتُ لك ، لا من باب الفصلِ ، ومحلُّ الخلافِ إنما هو نحو : " أكرمت زيداً وعندك عمراً " . وإنما يُرَدُّ على أبي علي بقولِه : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ [ بِٱلْعَدْلِ ] } [ النساء : 58 ] وقوله تعالى : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } [ الطلاق : 12 ] . وقوله : " قِنا " ممَّا حُذِفَ منه فاؤُه ولامُه من وقى يقي وقاية . أمَّا حذفُ فائه فبالحَمْلِ على المضارع لوقوعِ الواوِ بين ياءٍ وكسرةٍ ، وأمَّا حذفُ لامه فلأنَّه الأمرَ جارٍ مجرى المضارعِ المجزوم ، وجزمِه بحذفِ حرفِ العلةِ فكذلك الأمرُ منه ، فوزن " قِنا " حينئذ : عِنا ، والأصل : اوْقِنا ، فلمَّا حُذِفَت الفاءُ اسْتُغْنِي عن همزةِ الوصلِ فَحُذِفَتْ . و " عذاب " مفعولٌ ثانٍ .