Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 231-231)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قولُه تعالى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ } : شرطٌ جوابُهُ " فَأَمْسِكُوهُنَّ " ، وقوله : " فبَلَغْنَ " عطفٌ على فعلِ الشرط . والبلوغُ : الوصولُ إلى الشيء : بَلَغَهُ يبلُغه بُلوغاً ، قال امرؤ القيس : @ 981 ومَجْرٍ كَغُلاَّنِ الأُنَيْعِمِ بالِغٍ ديارَ العدوِّ ذي زُهاءٍ وَأَرْكَانِ @@ ومنه : البُلْغَةُ والبَلاغُ اسمٌ لِما يُتَبَلَّغُ به . قوله : { بِمَعْرُوفٍ } في محلِّ نصبٍ على الحال ، وصاحبُها : إمَّا الفاعلُ أي : مصاحبين للمعروف ، أو المفعولُ أي : مصاحباتٍ للمعروف . قوله : { ضِرَاراً } فيه وجهان ، أظهرهُما أنه مفعولٌ من أجِلِهِ أي : لأجلِ الضِّرارِ . والثاني : أنه مصدرٌ في موضِعِ الحالِ أي : حالَ كونِكُم مُضَارِّينَ لهنَّ . قوله : { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ } أدغم أبو الحارث عن الكسائي اللامَ في الذالِ إذا كان الفعلُ مجزوماً كهذه الآية ، وهي في سبعةِ مواضعَ في القرآن : { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } في موضعين ، { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءِ } [ آل عمران : 28 ] ، { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً } [ النساء : 30 ] ، { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتَغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ } [ النساء : 114 ] { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } [ الفرقان : 68 ] ، { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } [ المنافقون : 9 ] . وجاز لتقارُبِ مَخْرَجَيْهِمَا واشتراكِهِما في الانفتاحِ والاستفال والجَهْر . وتَحَرَّز من غيرِ المجزومِ نحوُ : يفعلُ ذلك . وقد طَعَنَ قومٌ على هذه الروايةِ فقالوا : لا تَصِحُّ عن الكسائي لأنها تخالِفُ أصولَه ، وهذا غيرُ صوابٍ . قوله : { لِّتَعْتَدُواْ } هذه لامُ العلة ، وأجاز أبو البقاء : " أن تكونَ لامَ العاقبةِ ، أي : الصيرورة ، وفي متعلَّقِها وجهان ، أحدُهما : أنه " لا تُمْسِكُوهُنَّ " . والثاني : أنه المصدرُ إنْ قلنا إنه حال ، وإنْ قُلْنَا إنه مفعولٌ من أجله تعلَّقَتْ به فقط ، وتكون علةً للعلةِ ، كما تقول : " ضربت ابني تأديباً لينتفعَ " ، فالتأديب علةٌ للضربِ والانتفاعُ علةٌ للتأديب ، ولا يجوز أن تتعلَّقُ والحالةُ هذه بـ " لا تُمْسِكُوهن " . و " تَعْتَدُوا " منصوبٌ بإضمارِ " أنْ " وهي وما بعدَها في محلِّ جر بهذه اللام ، كما تقدَّم تقريرُه غيرَ مرةٍ . وأصل " تَعْتَدُوا " تَعْتَدِيُوا ، فأُعِلَّ كنظائرِهِ ، ولا يخفَى ذلك مِمَّا تَقدم . قوله : { عَلَيْكُمْ } يجوزُ فيه وجهان ، أحدُهما : أن يتعلَّقَ بنفسِ " النعمة " إن أريدَ بها الإِنعامُ ، لأنها اسمُ مصدر كنبات من أَنْبَتَ ، ولا تمنع تاءُ التأنيث من عملِ هذا المصدرِ لأنه مبنيٌّ عليها كقوله : @ 982 فلولا رجاءُ النصرِ منك ورهبةٌ عقابَكَ قد كانوا لنا كالموارِدِ @@ فأعمل " رهبةٌ " في " عقابك " ، وإنما المحذُور أن يعملَ المصدرُ الذي لا يُبْنَى عليها نحو : ضربٌ وضَرْبَةٌ ، ولذلك اعتذر الناس عن قوله : @ 983 يُحايي به الجَلْدُ الذي هو حازِمٌ بضربةِ كَفَّيْهِ المَلاَ وهْوَ راكِبُ @@ بأنَّ المَلا وهو السراب منصوبٌ بفعلٍ مقدر لا بضربة . والثاني : ان يتعلَّقَ بمحذوفٍ ، على أنه حالٌ من " نعمة " إنْ أريد بها المُنْعَمُ به ، فعلى الأول تكون الجلالةُ في محلِّ رفعٍ ، لأنَّ المصدرَ رافعٌ لها تقديراً إذا هي فاعلةٌ به وعلى الثاني في محلِّ جر لفظاً وتقديراً . قوله : { وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ } يجوزُ في " ما " وجهان ، أحدُهما : أن تكونَ في محلِّ نصبٍ عطفاً على " نعمة " أي اذكروا نعمتَه والمُنَزَّل عليكم ، فعلى هذا يكون قولُه " يَعِظُكُم " حالاً ، وفي صاحبِها ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنه الفاعلُ في " أنزل " وهو اسمُ الله تعالى ، أي : أنزله واعظاً به لكم . والثاني : أنه " ما " الموصولةُ ، والعاملُ في الحالِ اذكروا . والثالث : أنه العائد على " ما " المحذوفُ ، أي : وما أنزلهُ موعوظاً به ، فالعاملُ في الحالِ على هذا القولِ وعلى القولِ الأولِ أَنْزَل . والثاني : من وَجْهَي " ما " أن تكونَ في محلِّ رفع بالابتداء ، ويكون " يَعِظُكُم " على هذا في محلِّ رفعٍ خبراً لهذا المتبدإِ ، أي : والمُنَزَّلُ عليكم موعوظُ به . وأولُ الوَجْهَيْنِ أقوى وأحسنُ . قوله : { عَلَيْكُمْ } متعلِّقٌ بـ " أَنْزَلَ " . و " من الكتاب " متعلِّقٌ بمحذوفٍ لأنه حالٌ ، وفي صاحبِهِ وجهان ، أحدُهما : أنه " ما " الموصولةُ . والثاني : " أنه عائدُها المحذوفُ ، إذ التقدير : أنزله في حالِ كونِهِ من الكتاب . و " مِنْ " يجوز أن تكون تبعيضية وأن / تكونَ لبيانِ الجنسِ عند مَنْ يرى ذلك . والضمير في " به " يعودُ على " ما " الموصولةِ .