Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 270-270)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ } : كقولِهِ : { مَا نَنسَخْ } [ البقرة : 106 ] { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } [ البقرة : 197 ] وقد تقدَّم تحقيقُ القولِ فيهما . وتقدَّم أيضاً مادة " نذر " في قوله : { أَأَنذَرْتَهُمْ } [ البقرة : 6 ] ، إلاَّ أنَّ النَّذْرَ له خصوصيةٌ : وهو عقدُ الإِنسانِ ضميره على شيءٍ والتزامُهُ ، وفعلُهُ : نَذَرَ - بالفتح - ينذُرُ وينذِرُ : بالكسرِ والضَّمِّ في المضارع ، يُقال : نَذَرَ فهو ناذِرٌ ، قال عنترة : @ 1077 - الشاتِمَيْ عِرْضي ولَمْ أَشْتُمهما والناذِرين إذا لمَ ألقهما دَمي @@ وقولُه : { فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُ } جوابُ الشرطِ إنْ كانَت " ما " شرطيةً ، أو زائدةٌ في الخبرِ إنْ كانَتْ موصولةً . ووحَّد الضميرَ في " يَعْلَمُهُ " وإنْ كان قد تقدَّم شيئان : النَّفقةُ والنَّذْرَ لأنَّ العطفَ هنا بـ " أو " ، وهي لأحدِ الشيئين ، تقول : " إن جاء زيدٌ أو عمروٌ أكرمته " ، ولا يجوز : أكرمتهما ، بل يجوز أَنْ تراعيَ الأولَ نحو : " زيدٌ أو هندٌ منطلقٌ ، أو الثانيَ نحو : زيدٌ أو هندٌ منطلقة ، والآيةُ من هذا ، ولا يجوزُ أَنْ يُقالَ : منطلقان . ولهذا تَأوَّل النحْويون : { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } [ النساء : 135 ] كما سيأتي . ومن مراعاةِ الأولِ قولُهُ : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } [ الجمعة : 11 ] ، وبهذا الذي قررته لا يُحتاجُ إلى تأويلاتٍ ذكرها المفسرون هنا : فرُوي عن النحاس أنه قال : " التقديرُ : وما أنفقتم من نفقةٍ فإن الله يعلَمُها ، أو نَذَرْتُم من نَذْرٍ فإنَّ الله يعلَمُهُ ، فَحُذِفَ ، ونظَّره بقوله : { وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا } [ التوبة : 34 ] وقولِهِ : @ 1078 نحنُ بما عندَنَا وأنت بما عندَكَ راضٍ والرأيُ مختلِفُ @@ وقولِ الآخر : @ 1079 رماني بأمرٍ كنت منه ووالدي بريئاً ومن أجل الطَوِيِّ رماني @@ وهذا لا يُحتاج إليه ؛ لأنَّ ذلك إنما هو في الواوِ المقتضيةِ للجَمْع بين الشيئين ، وأمَّا " أو " المقتضيةُ لأحدِ الشيئين فلا . وقال ابن عطية : " وَوَحَّدَ الضمير في " يَعْلَمُهُ " وقد ذَكَرَ شيئين من حيث إنه أراد ما ذَكَرَ أو ما نَصَّ ، ولا حاجَةَ إلى هذا أيضاً لِمَا عَرَفَتْ من حكم " أو " .