Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 40-40)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِذْ تَمْشِيۤ } : في عاملِ هذا الظرفِ أوجهٌ ، أحدها : أن العامل فيه " ألقيتُ " أي : ألقيتُ عليك محبةً مني في وقتِ مَشْيِ أختِك . الثاني : أنه منصوبٌ بقولِه " ولتُصْنَعَ " أي : لتُرَبَّىٰ ويُحْسَنَ إليك في هذا الوقتِ . قال الزمخشري : " والعاملُ في " إذ تشمي " " ألقيتُ " أو " لتُصْنع " . وقال أبو البقاء : " إذ تمشي " يجوز أَنْ يتعلَّقَ بأحد الفعلين " . قلت : يعني بالفعلينِ ما تقدَّم مِنْ ألقيتُ أو لتُصْنَعَ . وعلى هذا فيجوز أن تكونَ المسألةُ من بابِ التنازع ؛ لأنَّ كلاً من هذين العاملين يطلب هذا الظرفَ من حيث المعنىٰ ، ويكونُ من إعمال الثاني للحذف من الأول . وهذا إنما يتجه كلَّ الاتجاه إذا جعلْتَ " ولِتُصْنَعَ " معطوفاً على علةٍ محذوفةٍ متعلقةٍ بـ " أَلْقَيْتُ " ، أمَّا إذا جعلته متعلقاً بفعلٍ مضمرٍ بعده فيبعدُ ذلك أو يمتنع ، لكونِ الثاني صار من جملةٍ أخرىٰ . الثالث : أن تكونَ " إذ تمشي " بدلاً من " إذ أَوْحَيْنا " . قال الزمخشري : " فإن قلت : كيف يَصِحُّ البدل والوقتان مختلفان متباعدان ؟ قلت : كما يصحُّ وإن اتسع الوقت وتباعد طرفاه أن يقول لك الرجل : لَقِيْت فلاناً سنةَ كذا فتقول : وأنا لقيته إذ ذاك ، وربما لقيه هو في أولها وأنت في آخرها " . قال الشيخ : " وليس كما ذكر لأن السنةَ تقبل الاتساع ، فإذاً وقع لُقِيُّهما فيها ، بخلاف هذين الظَّرفين فإنَّ كل واحدٍ منهما ضيقٌ ليس بمتسعٍ لتخصصهما بما أضيفا إليه ، فلا يمكن أن يقعَ الثاني في الظرف الذي وقع فيه الأول ؛ إذ الأول ليس متسعاً لوقوع الوحيِ فيه ووقوعِ مَشْي الأخت ، فليس وقتُ وقوعِ الفعل مشتملاً على أجزاءٍ وقع في بعضها المشي بخلاف السنة " . قلت : وهذا تحمُّلٌ منه عليه فإنَّ زمنَ اللُّقِيِّ أيضاً ضيقٌ لا يَسَعُ فِعْلَيْهما ، وإنما ذلك مبنيٌّ على التساهل ؛ إذ المراد أن الزمانَ مشتملٌ على فعليهما . وقال أبو البقاء : " ويجوز أن يكونَ بدلاً من " إذ " الأولىٰ ، لأنَّ مَشْيَ أختِه كان مِنَّةً عليه " يعني أن قولَه " إذ أَوْحَيْنا " منصوبٌ بقوله : " مَنَنَّا " فإذا جُعِل " إذ تمشي " بدلاً منه كان أيضاً مُمْتَنَّاً به عليه . الرابع : أن يكونَ العاملُ فيه مضمراً تقديره : اذكر إذ تمشي . وهو على هذا مفعولٌ به لفساد المعنى على الظرفية . وقرأ العامَّةُ " كي تَقَرَّ " بفتح التاء والقاف . وقرأَتْ فرقة " تَقِرَّ " بكسر القاف ، وقد تقدم أنهما لغتان في سورة مريم . وقرأ جناح بن حبيش " تُقَرُّ " بضمِّ التاءِ وفتحِ القاف على البناء للمفعول . " عينُها " رفعاً لِما لَم يُسَمَّ فاعلُه . قوله : { فُتُوناً } فيه وجهان ، أحدُهما : أنه مصدرٌ على فُعُوْل كالقُعود والجُلُوس ، إلاَّ أنَّ فُعُولاً قليلٌ في المتعدِّي . ومنه الشُّكُوْر والكُفور والثُّبور واللُّزوم . قال تعالىٰ : { لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } [ الفرقان : 62 ] . والثاني : أنه جمعُ فَتْنٍ أو فِتْنَة على تَرْك الاعتداد بتاء التأنيث كـ " حُجُور " و " بُدُوْر " في حَجْرة وبَدْرة أي : فَتَنَّاك ضُروباً من الفتن . عن ابن عباس : أنه وُلِد في عامٍ يُقتل فيه الوِلْدَان ، وألقَتْه أمُّه في البحر ، وقتل القبطيَّ وأَجَر نفسَه عشرَ سنين ، وضَلَّ عن الطريق ، وتفرَّقَتْ غنمُه في ليلةٍ مظلمة . ولمَّا سأل سعيدُ بن جبير عن ذلك أجابه بما ذكرْتُه ، وصار يقول عند كل واحدة : فهذه فتنةٌ يا ابن جبير . قال معناه الزمخشري . وقال غيره : بفُتُوْنٍ من الفِتَنِ أي المِحَنِ تُخْتبر بها . قوله : { عَلَىٰ قَدَرٍ } متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من فاعل " جئت " أي : جئتَ موافقاً لِما قُدِّر لك . كذا قدَّره أبو البقاء ، وهو تفسيرُ معنىً . والتفسير الصناعي : ثم جئت مستقراً أو كائناً على مقدار معين . كقول الآخر :