Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 77-77)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { طَرِيقاً } : فيه وجهان ، أحدُهما : أنه مفعولٌ به ؛ وذلك على سبيلِ المجاز : وهو أنَّ الطريقَ مُتَسَبِّبٌ عن ضَرْب البحرِ ، إذ المعنىٰ : اضربْ البحرَ لينغلقَ لهم فيصيرَ طريقاً ، فبهذا صَحَّ نسبةُ الضربِ إلى الطريق . وقيل : " ضرب " هنا بمعنى جَعَلَ أي : اجعل لهم طريقاً وأَشْرِعْه فيه . والثاني : أنه منصوبٌ على الظرفِ . قال أبو البقاء : " التقدير : موضعَ طريقٍ ، فهو مفعولٌ به على الظاهر . ونظيرُه قولُه { أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } [ الشعراء : 63 ] وهو مثلُ " ضربْتُ زيداً " . وقيل : " ضرب " هنا بمعنىٰ " جعل " و " شرع " مثلَ قولهم : ضربْتُ له بسَهْم " انتهىٰ . فقولُه على الظاهر يعني أنه لولا التأويلُ لكان ظرفاً . قوله : { يَبَساً } صفةٌ لـ " طريقاً " وصَفَه به لِما يَؤُول إليه ؛ لأنه لم يكنْ يَبَساً بعدُ ، إنما مرَّت عليه الصَّبا فجفَّفَتْه ، كما يُرْوىٰ في التفسيرِ . وهل في الأصل مصدرٌ وُصِفَ به مبالغةً ، أو على حذفِ مضافٍ أو جمع يابس كخادم وخَدَم ، وُصِف به الواحدُ مبالغةً كقولِه : @ 3307ـ … … ومِعَىً جِياعاً @@ أي : كجماعةٍ جِياع ، وَصَفَ به لفَرْط جوعه ؟ وقرأ الحسنُ " يَبْساً " بالسكونِ . وهو مصدرٌ أيضاً . وقيل : المفتوحُ اسمٌ ، والساكنُ مصدرٌ . وقرأ أبو حيوة " يابساً " اسمُ فاعل . قوله : { لاَّ تَخَافُ } العامَّةُ على " لا تَخاف " مرفوعاً ، وفيه أوجهٌ ، أحدها : أنه مستأنفٌ فلا محلَّ له من الإِعراب . الثاني : أنه في محلِّ نصبٍ على الحالِ من فاعل " اضرِبْ " أي : اضرب غيرَ خائفٍ . والثالث : أنه صفةٌ لـ " طريقاً " ، والعائدُ محذوفٌ أي لا تخافُ فيه . [ وقرأ ] حمزةُ وحدَه من السبعة " لا تَخَفْ " بالجزم على النهي . وفيه أوجهٌ ، أحدُها : أن يكونَ نَهْياً مستأنِفاً . الثاني : أنه نهيٌ أيضاً في محلِّ نصب على الحال من فاعل " اضرِبْ " أو صفةٌ لطريقاً ، كما تقدَّم في قراءةِ العامَّةِ ، إلاَّ أن ذلك يحتاج إلى إضمار قول أي : مقولاً لك ، أو طريقاً مقولاً فيها : لا تخف . كقوله : @ 3308ـ جاؤوا بمَذْقٍ هل رَأَيْتَ الذئبَ قَطّ @@ الثالث : مجزومٌ على جوابِ الأمر أي : إن تضربْ طريقاً يَبَساً لا تَخَفْ . قوله : { وَلاَ تَخْشَىٰ } لم يُقْرأ إلاَّ ثابتَ الألفِ . وكان مِنْ حَقِّ مَنْ قرأ " لا تَخَفْ " جزماً أن يَقْرأ " لا تَخْشَ " بحذفِها ، كذا قال بعضُهم . وليس بشيءٍ لأنَّ القراءةَ سُنَّةٌ . وفيها أوجه أحدها : أن تكونَ حالاً . وفيه إشكالٌ : وهو أنَّ المضارعَ المنفيَّ بـ " لا " كالمُثْبَتِ في عدمِ مباشرةِ الواو له . وتأويلُه على حذف مبتدأ أي : وأنت لا تَخْشَىٰ كقولِه : @ 3309ـ … نَجَوْتُ وأَرْهَنُهـــم مالِكــا @@ والثاني : أنه مستأنفٌ . أخبره تعالىٰ أنه لا يَحْصُل له خوفٌ . والثالث : أنه مجزومٌ بحذفِ الحركةِ تقديراً كقولِه : @ 3310ـ إذا العَجوْزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ ولا تَرَضَّاها ولا تَمَلَّقِ @@ وقولِ الآخر : @ 3311ـ … كَأَنْ لم تَرَى قبلي أسيراً يمانيا @@ ومنه { فَلاَ تَنسَىٰ } [ الأعلى : 6 ] في أحد القولين ، إجراءً لحرفِ العلة مُجْرى الحرفِ الصحيح . وقد تقدَّم لك من هذا جملةٌ صالحة في سورةِ يوسف عند { مَن يَتَّقِ } [ الآية : 90 ] . والرابع : أنه مجزومٌ أيضاً بحذفِ حرفِ العلةِ . وهذه الألفُ ليسَتْ تلك ، أعني لامَ الكلمة ، إنما هي ألفُ إشباع أُتِيَ بها موافقةً للفواصلِ ورؤوسِ الآي ، فهي كالألفِ في قولِه : { ٱلرَّسُولاَ } [ الأحزاب : 66 ] و { ٱلسَّبِيلاْ } [ الأحزاب : 67 ] و { ٱلظُّنُونَاْ } [ الأحزاب : 10 ] وهذه الأوجهُ إنما يحتاجُ إليها في قراءةِ جزمِ " لا تَخَفْ " . وأمَّا من قرأه مرفوعاً فهذا معطوفٌ عليه . وقرأ أبو حيوة " دَرْكاً " بسكون الراء . والدَّرَك والدَّرْك [ اسمان ] من الإِدراك أي : لا يُدركك فرعونُ وجنوده . وقد تقدَّم الكلامُ عليهما في سورة النساء ، وإنَّ الكوفيين قرؤوه بالسكونِ كأبي حيوةَ هنا .