Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 95-95)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَحَرَامٌ } : قرأ الأخَوان وأبو بكر ورُوِيَتْ عن أبي عمرو " وحِرْمٌ " بكسرِ الحاء وسكونِ الراءِ . وهما لغتان كالحِلِّ والحَلال . وقرأ بن عباس وعِكْرمة و " حَرِمَ " بفتح الحاء وكسر الراء وفتح الميم ، على أنه فعلٌ ماضٍ ، ورُوي عنهما أيضاً وعن أبي العالية بفتح الحاء والميم وضمِّ الراءِ بزنة كُرمَ ، وهو فعلٌ ماض أيضاً . ورُوي عن ابن عباس فتحُ الجميع . وهو فعلٌ ماضٍ أيضاً . واليمانيُّ بضم الحاء وكسر الراءِ مشددةً وفتح الميم ماضياً مبنياً للمفعول . ورُوي عن عكرمةَ بفتح الحاء وكسرِ الراء و تنوين الميم . فَمَنْ جعله اسماً : ففي رفعه وجهان ، أحدهما : أنه مبتدأ / وفي الخبر حينئذٍ ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدهُا : قوله { أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } وفي ذلك حينئذٍ أربعةُ تأويلاتٍ ، التأويلُ الأولُ : أنَّ " لا " زائدةٌ , والمعنىٰ : وممتنعٌ على قريةٍ قدَّرْنا إهلاكَها لكفرِهم رجوعُهم إلى الإِيمانِ ، إلى أَنْ تقومَ الساعةُ . وممَّن ذهب إلى زيادتِها أبو عمروٍ مستشهداً عليه بقولِه تعالىٰ : { مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } [ الأعراف : 12 ] يعني في أحدِ القولين . التأويل الثاني : أنها غيرُ زائدةٍ ، وأنَّ المعنىٰ : أنَّهم غيرُ راجعين عن معصيتهم وكفرِهم . التأويلُ الثالث : أنَّ الحرامَ يُرادُ به الواجب . ويَدُلُّ عليه قولُه تعالىٰ : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ } [ الأنعام : 151 ] وتَرْكُ الشِّرْكِ واجبٌ ، ويَدُلُّ عليه أيضاً قولُ الخنساء : @ 3359ـ حرامٌ عليَّ لا أرىٰ الدهرَ باكياً على شَجْوِه إلا بَكَيْتُ على صَخْرِ @@ وأيضاً فمن الاستعمالِ إطلاقُ أحدٍ الضدين على الآخرِ . ومِنْ ثَمَّ قال الحسن والسدي : لا يَرْجِعون عن الشرك . وقال قتادة : إلى الدنيا . التأويل الرابع : قال أبو مسلم ابن بَحْر : " حرامٌ : ممتنع . وأنهم لا يرجعون : انتفاء الرجوعِ إلى الآخرةِ ، فإذا امتنع الانتفاءُ وَجَبَ الرجوعُ . فالمعنىٰ : أنه يجبُ رجوعُهم إلى الحياة في الدار الآخرة . ويكون الغرضُ إبطالَ قولِ مَنْ يُنْكر البعثَ . وتحقيقُ ما تقدَّم من أنه لا كُفْرانَ لسَعْي أحدٍ ، وأنه يُجْزَى على ذلك يومَ القيامةِ " . وقولُ ابن عطية قريبٌ من هذا قال : " وممتنعٌ على الكفرةَ المُهْلَكين أنهم لا يَرْجعون إلى عذاب الله وأليم عِقابِه ، فتكون " لا " على بابِها ، والحرامُ على بابه " . الوجه الثاني : أنَّ الخبرَ منحذوفٌ تقديرُه : حرامٌ توبتُهم أو رجاءُ بعثهم ، ويكونُ " أنَّهم لا يَرْجعون " علةً لما تقدَّم من معنى الجملة ، ولكن لك حينئذ في " لا " احتمالان ، الاحتمال الأول : أَنْ تكونَ زائدةً . ولذلك قال أبو البقاء في هذا الوجهِ بعدَ تقديرِه الخبرَ المتقدم : " إذا جَعَلْتَ لا زائدةً " قلت : والمعنى عنده : لأنهم يَرْجعون إلى الآخرة وجزائها . الاحتمال الثاني : أن تكونَ غيرَ زائدةٍ بمعنى : ممتنعٌ توبتُهم أو رجاءُ بعثِهم ؛ لأنهم لا يَرْجعون إلى الدنيا فَيَسْتدركوا فيها ما فاتهم من ذلك . الوجهُ الثالث : أَنْ يكونَ هذا المبتدأ لا خبرَ له لفظاً ولا تقديراً ، وإنما رَفَع شيئاً يقوم مقامَ خبرِه من باب " أقائم أخواك " . قال أبو البقاء : " والجيدُ أن يكونَ " أنهم " فاعلاً سَدَّ مَسَدَّ الخبر " ، قلت : وفي هذا نظرٌ ؛ لأن ذلك يًُشْترطُ فيه أن يَعتمد الوصفُ على نفيٍ أو استفهامٍ ، وهنا فلم يعتمِدْ المبتدأُ على شيءٍ من ذلك ، اللهم إلاَّ أَنْ ينحوَ نَحْوَ الأخفشِ ، فإنه لا يَشترطُ ذلك . وقد قررتُ هذه المسألةَ في غيرِ هذا الموضوع ، والذي يظهر قولُ الأخفش ، وحينئذ يكون في " لا " الوجهان المتقدمان من الزيادة وعدمِها ، باختلاف معنيين : أي امتنع رجوعُهم إلى الدنيا أو عن شركِهم إذا قَدَّرْتَها زائدةٌ ، أو امتنع عدمُ رجوعِهم إلى عقابِ اللهِ في الآخرة إذا قَدَّرْتها غيرَ زائدة . الوجه الثاني : من وجهَيْ رفعِ " حرام " أنه خبرُ مبتدأ محذوف ، فقدَّره بعضهم : الإِقالةُ والتوبةُ حرامٌ . وقَدَّره أبو البقاء : " أي ذلك الذي ذُكِرَ من العملِ الصالحِ حرامٌ " . وقال الزمخشري : " وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها ذَاك ، وهو المذكورُ في الآية المتقدمةِ من العملِ الصالح والسَّعيِ المشكورِ غير المكفورِ . ثم عَلَّل فقيل : إنهم لا يرجعون عن الكفر فكيف لا يمتنع ذلك ؟ وقرأ العامَّةُ " أَهْلكناها " بنونِ العظمة . وقرأ أبو عبد الرحمن وقتادةُ " أهلكتُها " بتاءِ المتكلم . ومَن قرأ " حَرِمٌ " بفتح الحاءِ وكسرِ الراء وتنوينِ الميم ، فهو في قراءتِه صفةٌ على فَعلِ نحو : حَذِر . وقال : @ 3360ـ وإن أتاه خليلٌ يومَ مسألةٍ يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ @@ ومَنْ قرأه فعلاً ماضياً فهو في قراءتِه مسندٌ لـ " أنَّ " وما في حَيِّزها . ولا يَخْفى الكلامُ في " لا " بالنسبة إلى الزيادةِ وعدمِها / فإنَّ المعنى واضحٌ مما تقدَّم , وقُرِىء " إنَّهم " بالكسرِ على الاستئناف ، وحينئذٍ فلا بد من تقديرِ مبتدأ يَتِمُّ به الكلام ، تقديرُه : ذلك العملُ الصالحُ حرامٌ . وتقدَّم تحريرُ ذلك .