Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 18-18)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ } : فيه أوجهٌ أحدُها : أنه مرفوعٌ بفعلٍ مضمرٍ تقديرُه : ويَسْجُدُ له كثيرٌ من الناس . وهذا عند مَنْ يمنعُ استعمالَ المشتركِ في معَنيْيه ، أو الجمعَ بين الحقيقة والمجازِ ، في كلمةٍ واحدةٍ ؛ وذلك أنَّ السجودَ المسندَ لغيرِ العقلاءِ غيرُ السجود المسندِ للعقلاءِ ، فلا يُعْطَفُ " كثيرٌ من الناس " على ما قبلَه لاختلافِ الفعلِ المسندِ إليهما في المعنىٰ . ألا ترىٰ أنَّ سجودَ غيرِ العقلاءِ هو الطَّواعيةُ والإِذعانُ لأمرِه ، وسجودَ العقلاءِ هو هذه الكيفيةُ المخصوصةٌ . الثاني : أنَّه معطوفٌ على ما تقدَّمه . وفي ذلك ثلاثةُ تأويلاتٍ أحدُها : أنَّ المرادَ بالسجودِ القَدْرُ المشتركُ بين الكلِّ العقلاءِ وغيرِهم وهو الخضوعُ والطواعيةُ ، وهو من بابِ الاشتراكِ المعنويِّ . والتأويلُ الثاني : أنه مشتركٌ اشتراكاً لفظياً ، ويجوز استعمالُ المشتركِ في معنييه . والتأويلُ الثالث : أنَّ السجودَ المسندَ للعقلاءِ حقيقةٌ ولغيرِهم مجازٌ . ويجوز الجمعُ بين الحقيقةِ والمجازِ . وهذه الأشياءُ فيها خلافٌ ، لتقريرِه موضوعٌ هو أليقُ به من هذا . الثالثُ من الأوجه المتقدمة : أن يكونَ " كثيرٌ " مرفوعاً بالابتداء . وخبرُه محذوفٌ وهو " مُثابٌ " لدلالة خبرِ مقابلِه عليه ، وهو قولُه : { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ } كذا قَدَّره الزمخشريُّ . وقَدَّره أبو البقاء : " مُطيعون أو مُثابون أو نحوُ ذلك " . الرابع : أَنْ يرتفعَ " كثيرٌ " على الابتداءِ أيضاً ، ويكون خبرُه " من الناس " أي : من الناس الذين هم الناسُ على الحقيقةِ ، وهم الصالحون والمتَّقون . والخامسُ : أن يرتفعَ بالابتداءِ أيضاً . ويُبالَغَ في تكثير المحقوقينِ بالعذاب ، فيُعطفَ " كثيرٌ " على " كثير " ثم يُخْبَرَ عنهم بـ { حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ } ذكر ذلك الزمخشري . قال الشيخ : بعد أن حكىٰ عن الزمخشريِّ الوجهين الآخرين قال : " وهذان التخريجان ضعيفان " ولم يُبَيِّنْ وجهَ ضعفِهما . قلت : أمَّا أوَّلُهما فلا شكَّ في ضعفِه ؛ إذ لا فائدةَ طائلةٌ في الإِخبارِ بذلك . / وأمَّا الثاني فقد يظهر : وذلك أنَّ التكريرَ يفيد التكثيرَ ، وهو قريبٌ مِنْ قولِهم : " عندي ألفٌ وألفٌ " ، وقوله : @ 3376ـ لو عُدَّ قبرٌ وقبرٌ كنتَ أَكْرَمَهم … @@ وقرأ الزهري " والدَّوابُ " مخففَ الباءِ . قال أبو البقاء : " ووجهُها : أنه حَذَف الباءَ الأولى كراهيةَ التضعيفِ والجمعِ بين ساكنين " . وقرأ جناح بن حبيش و " كبيرٌ " بالباء الموحدة . وقرىء " وكثيرٌ حَقَّاً " بالنصب . وناصبُه محذوفٌ وهو الخبرُ ، تقديرُه : وكثير حَقَّ عليه العذابُ حقاً . " والعذابُ " مرفوع بالفاعلية . وقُرِىء " حُقَّ " مبنياً للمفعولِ . وقال ابن عطية : { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ } يحتمل أن يكونةَ معطوفاً على ما تقدَّم أي : وكثير حَقَّ عليه العذابُ يسجد أي كراهيةً وعلى رَغْمِه : إما بظلِّه ، وإمَّا بخضوعِه عند المكاره " . قلت : فقولُه : " معطوفٌ على ما تقدَّم " يعني عطفَ الجملِ لا أنه هو وحدَه عطفٌ على ما قبله ، بدليلِ أنه قَدَّره مبتدأً . وخبرُه قوله : " يَسْجد " . قوله : { وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ } " مَنْ " مفعولٌ مقدمٌ ، وهي شرطيةٌ . جوابُها الفاءُ مع ما بعدها . والعامَّةُ على " مُكْرِمٍ " بكسرِ الراء اسمَ فاعل . وقرأ ابن أبي عبلة بفتحِها ، وهو اسمُ مصدرٍ أي : فما له مِنْ إكرام .