Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 5-5)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { مِّنَ ٱلْبَعْثِ } : يجوزُ أن يتعلَّق بـ " ريب " ، ويجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لـ ريب . وقرأ الحسن " البَعَث " بفتح العينِ . وهي لغة كالطَّرَدِ والجَلَب في الطَّرْد والجَلْب بالسكون . قال الشيخ : " والكوفيون إسكانُ العينِ عندهم تخفيفٌ [ يقيسونه ] فيما وسطَه حرفُ حلقٍ كالنَّهْرِ والنَّهَر والشّعْرِ والشَّعَر ، والبَصْريون لا يقيسونه ، وما وَرَدَ من ذلك هو عندهم ممَّا جاء فيه لغتان " قلت : فهذا يُوْهِمُ ظاهرُه أنَّ الأصلَ البَعَث بالفتح ، وإنما خُفِّف ، وليس الأمرُ كذلك ، وإنما مَحَلُّ النزاع إذا سُمِع الحلقيُّ مفتوحَ العين : هل يجوزُ تسكينُه أم لا ؟ لا أنه كلُّ ما جاء ساكنَ العينِ من الحَلْقِيِّها يُدَّعى أن أصلَها الفتحُ كما هو ظاهرُ عبارتِه . قوله : { مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } العامَّةُ على الجرِّ في " مُخَلَّقةٍ " ، وفي " غير " ، على النعت . وقرأ ابن أبي عبلة بنصبِهما على الحالِ من النكرةِ ، وهو قليلٌ جداً وإن كان سيبويه قاسه . والعَلَقَةُ : القطعةُ من الدم الجامدة . وعن بعضهم وقد سُئِل عن أصعبِ الأشياءِ فقال : " وَقْعَ الزَّلَقِ على العَلَق " أي : على دمِ القتلىٰ في المعركة . والمُضْغَةُ : القطعةُ من اللحمِ قَدْرَ ما تُمضَغُ نحو : الغُرفة والأُكْلة بمعنى : المغروفة والمأكولة . والمُخَلَّقَةُ : المَلْساء التي لا عَيْبَ فيها مِنْ قولهم : صخرةٌ خَلْقاءُ أي : مَلْساء . وخَلَقْتُ السِّواك : سَوَّيْتُه ومَلَسْتُه . وقيل : التضعيفُ في " مُخَلَّقَة " دلالةٌ على تكثيرِ الخَلْق لأنَّ الإِنسانَ ذو أعضاءٍ متباينةٍ وخُلُقٍ متفاوتةٍ . قاله الشعبي وقتادة وأبو العالية . وهو معنى حسنٌ . قوله : { وَنُقِرُّ } العامَّةُ على رفع " ونُقِرُّ " لأنه مستأنفٌ ، وليس علةً لما قبلَه فينتصبَ نَسَقاً على ما تقدَّمه . وقرأ يعقوب وعاصم في روايةٍ بنصبه . قال أبو البقاء : " على أَنْ يكونَ معطوفاً في اللفظ ، والمعنى مختلف ؛ لأنَّ اللامَ في " لُنبِيِّنَ " للتعليل ، واللامَ المقدرةَ من " نُقِرُّ " للصيرورة " وفيه نظرٌ ؛ لأنَّ قولَه " معطوفاً في اللفظ " يَدْفعه قولُه : " واللامُ المقدرة " فإنَّ تقديرَ اللام يقتضي النصبَ بإضمارِ " أَنْ " بعدها لا بالعطفِ على ما قبله . وعن عاصم أيضاً " ثم نُخْرِجَكم " بنصب الجيم . وقرأ ابن أبي عبلة " ليبيِّنَ ويَقِرُّ " بالياء من تحتُ فيهما ، والفاعلُ هو اللهُ تعالىٰ كما في قراءة النون . وقرأ يعقوب في رواية " ونَقُرُّ " بفتح النون وضم القاف ورفع الراء ، مِنْ قَرَّ الماءَ يَقُرُّه أي : صَبَّه . وقرأ أبو زيد النحوي " ويَقِرَّ " بفتح الياءِ من تحتُ وكسرِ القاف ونصبِ الراء أي : وَيقِرَّ الله . وهو مِنْ قرَّ الماء إذا صبَّه . وفي " الكامل " لابن جبارة " لِنُبَيِّن ونُقِرَّ ثم نُخْرِجَكم " بالنصبِ فيهنَّ يعني وبالنون في الجميع المفضل . بالياء فيهما مع النصب : أبو حاتم ، وبالياء والرفع عمر بن شبة " انتهى . وقال الزمخشري : / " والقراءةُ بالرفع إخبارٌ بأنه تعالى يُقِرُّ في الأرحامِ ما يشاءُ أَنْ يُقِرَّه " . ثم قال : " والقراءةُ بالنصب تعليلٌ ، معطوفٌ على تعليلٍ . معناه : خلقناكم مُدَرَّجين ، هذا التدريجُ لغرضين ، أحدهما : أن نبيِّنَ قدرتنا . والثاني : أَنْ نُقِرَّ في الأرحام مَنْ نُقِرُّ ، ثم يُوْلَدوا ويَنْشَؤوا ويَبْلُغوا حَدَّ التكليفِ فأُكَلِّفَهم . ويَعْضُد هذه القراءةَ قولُه { ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ } . قلت : تسميةُ مثلِ هذه الأفعالِ المسندة إلى الله تعالى غَرَضاً لا يجوز . وقرأ ابن وثاب " نِشاء " بكسر النون ، وهو كسرُ حرفِ المضارعة ، وقد تقدَّم ذلك في أولِ هذا الموضوعِ . قوله : { طِفْلاً } حالٌ مِنْ مفعول " نُخْرِجكم " ، وإنما وُحِّد لأنَّه في الأصل مصدرٌ كالرِّضا والعَدْل ، فيَلْزَمُ الإِفرادُ والتذكيرُ ، قاله المبرد : إمَّا لأنه مرادٌ به الجنسُ ، وإمَّا لأن المعنىٰ : يُخْرِجُ كلَّ واحدٍ منكم نحو : القوم يُشْبعهم رغيفٌ أي : كلُّ واحدٍ منهم . وقد يطابِقُ به ما يُراد به ، فيقال : طفلان وأطفال . وفي الحديث : " سئل عن أطفال المشركين " والطِّفْلُ يُطْلَقُ على الولدِ مِنْ حين الانفصالِ إلى البلوغ . وأمَّا الطَفْل بالفتح فهو الناعم ، والمرأة طَفْلة قال : @ 3371ـ ولقد لَهَوْتُ بِطَفْلةٍ مَيَّالَةٍ بَلْهاءَ تُطْلِعُني على أَسْرارِها @@ أمَّا الطَّفَل بفتح الطاءِ والفاءِ فوقتُ ما بعد العصر ، مِنْ قولِهم : طَفَلَت الشمسُ إذا مالَتْ للغُروب . وأطفلتِ المرأةُ أي : صارت ذاتَ طِفْلٍ . وقرأت فِرْقَةٌ " يَتَوَفَّى " بفتح الياء . وفيه تخريجان ، أحدهما : أنَّ الفاعلَ ضميرُ الباري تعالىٰ أي : يَتَوَفَّاهُ اللهُ تعالىٰ ، كذا قدَّره الزمخشري . والثاني : أن الفاعلَ ضميرُ " مَنْ " أي : يَتَوَفَّىٰ أجلَه . وهذا القراءةُ كالتي في البقرة { وَٱلَّذِينَ يَتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ } [ الآية : 234 ] أي : مدتهم . ورُوي عن أبي عمروٍ ونافع أنهما قرآ " العُمْر " بسكون العينِ وهو تخفيفٌ قياسيُّ نحوة " عُنْق " في " عُنُق " . قوله : { لِكَيْلاَ } متعلقٌ بـ " يُرَدُّ " . وتقدَّم نظيره في النحل . و " هامدةً " نصب على الحال لأن الرؤيةَ بصريةٌ . والهُمُود : السكونُ والخُشُوع . وهَمَدَت الأرضُ : يَبِست ودَرَسَتْ . وهَمَدَ الثوبُ : بَلِي . قال الأعشىٰ : @ 3372ـ قالَتْ قُتَيْلَةُ ما لجِسْمِكَ شاحباً وأرىٰ ثيابَكَ بالِياتٍ هُمَّدا @@ والاهتزازُ : التحرُّكُ ، وتُجُوِّز به هنا عن إنباتِ الأرض نباتَها بالماء . والجمهورُ على " رَبَتْ " أي : زادَت ، مِنْ رَبا يَرْبُو . وقرأ أبو جعفر وعبد الله ابن جعفر وأبو عمرٍو في رواية " وَرَبَأَت " بالهمزِ أي ارتفَعَتْ . يقال : رَبَأَ بنفسه عن كذا أي : ارتفعَ عنه . ومنه الرَّبِيئَةُ وهو مَنْ يَطْلُعُ على موضعٍ عالٍ لينظر للقوم ما يأتيهم . ويقال له " رَبِيْءٌ " أيضاً قال الشاعر : @ 3373ـ بَعَثْنا رَبِيْئاً قبلَ ذلك مُخْمِلاً كذئب الغَضَىٰ يمشي الضَّراء ويَتَّقي @@ قوله : { مِن كُلِّ زَوْجٍ } فيه وجهان ، أحدهما : أنه صفةٌ للمفعولِ المحذوفِ تقديره : وأنبتَتْ ألواناً أو أزواجاً من كلِّ زَوْج . والثاني : أنَّ " مِنْ " زائدة أي : أنبتَتْ كلَّ زوج . وهذا ماشٍ عند الكوفيين والأخفش . والبهيجُ : الحَسَن الذي يُسِرُّ ناظرَه . وقد بَهُجَ بالضم بَهاجَةً وبَهْجَة أي : حَسُن . وأبهجني كذا أي : سرَّني بحُسْنه .