Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 78-78)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { حَقَّ جِهَادِهِ } : يجوزُ أَنْ يكونَ منصوباً على المصدرِ . وهو واضح . وقال أبو البقاء : " ويجوزُ أَنْ يكونَ نعتاً لمصدرٍ محذوفٍ أي : جهاداً حَقَّ جهادِه " وفيه نظر من حيث إنَّ هذا معرفةٌ فكيف يُجعل صفةً لنكرةِ ؟ قال الزمخشريُّ : " فإنْ قلتَ : ما وَجْهُ هذه الإِضافةِ ، وكان القياسُ حَقَّ الجهادِ فيه ، أو حَقَّ جهادِكم فيه . كما قال : { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ } ؟ قلت : إلإِضافةُ تكون بأَدْنىٰ ملابسةٍ واختصاصٍ ، فلمَّا كان الجهادُ / مختصاً بالله من حيث إنه مفعولٌ من أجلِه ولوجهِه صحَّتْ إضافتُه إليه . ويجوز أن يُتَّسَعَ في الظرف كقولِه : @ 3400ـ ويومٍ شَهِدْناه سُلَيْمىٰ وعامِراً … @@ يعني بالظرفِ الجارَّ والمجرورَ ، كأنه كان الأصلُ : حَقَّ جهادٍ فيه ، فحذف حرفَ الجرِّ وأُضيف المصدرُ للضميرِ ، وهو من باب " هو حقُّ عالم وجِدُّ عالم " أي : عالِمٌّ حقاً وعالِمٌ جدَّاً . قوله : { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ } فيه أوجهٌ أحدُها : أنها منصوبةٌ بـ " اتَّبِعوا " مضمراً قاله الحوفي ، وتبعه أبو البقاء . الثاني : أنها علىٰ الاختصاصِ أي : أعني بالدين ملةَ أبيكم . الثالث : أنها منصوبةٌ بما تقدَّمها ، كأنه قال : وَسَّع دينَكم تَوْسِعَةً ملَّةِ أبيكم ، ثم حُذِف المضافُ ، وأُقيم المضافُ إليه مُقامَه . قاله الزمخشري . الرابع : أنه منصوبٌ بـ " جَعَلها " مُقَدراً ، قاله ابن عطية . الخامس : أنها منصوبةٌ على حَذْف كافِ الجرِّ أي كملَّةِ إبراهيمَ ، قاله الفراء . وقال أبو البقاء قريباً منه . فإنه قال : " وقيل : تقديرُه : مثلَ ملةِ ؛ لأن المعنىٰ : سَهَّل عليكم الدينَ مثلَ ملةِ أبيكم ، فَحُذِفَ المضافُ وأُقيم المضافُ إليه مُقامه " . وأَظْهَرُ هذه الثالثُ . و " إبراهيم " بدلٌ أو بيانٌ ، أو منصوبٌ بأَعْني . قوله : { هُوَ سَمَّاكُمُ } في هذا الضميرِ قولان ، أحدهما : أنه عائدٌ على " إبراهيم " فإنه أقربُ مذكورٍ . إلاَّ أنَّ ابنَ عطيةَ قال : " وفي هذه اللفظةِ يعني قولَه " وفي هذا " ضَعْفُ قَوْلِ مَنْ قال : الضمير لإِبراهيم . ولا يَتَوَجَّه إلاَّ بتقديرِ محذوفٍ من الكلامِ مستأنفٍ " انتهىٰ . ومعنى " ضَعْف قولِ مَنْ قال بذلك " أنَّ قوله " وفي هذا " عطفٌ على " مِنْ قبلُ " ، و " هذا " إشارةٌ إلى القرآن المشارَ إليه إنما نزل بعد إبراهيم بمُدَدٍ طِوالٍ ؛ فلذلك ضَعُفَ قولُه . وقوله : " إلاَّ بتقديرِ محذوفٍ " الذي ينبغي أَنْ يقدَّرَ : وسُمِّيْتُم في هذا القرآن المسلمين . وقال أبو البقاء : " قيل الضميرُ لإِبراهيم ، فعلى هذا الوجهِ يكونُ قولُه " وفي هذا " أي : وفي هذا القرآن سببُ تسميتِهم " . والثاني : أنه عائدٌ على اللهِ تعالىٰ ويَدُلُّ له قراءةُ أُبَيّ : " الله سَمَّاكم " بصريح الجلالةِ أي : سَمَّاكم في الكتبِ السالفةِ وفي هذا القرآنِ الكريمِ أيضاً . قوله : { لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ } متعلقٌ بسَمَّاكم . وقوله : { فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ } أي : اللهُ . وحَسَّن حذفَ المخصوصِ وقوعُ الثاني رأسَ آيةٍ وفاصلةٍ .