Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 14-14)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً } : وما بعدها . ضَمَّنَ " خَلَق " معنى جَعَلَ التصييريةِ فتعَدَّت لاثنين كما تَضَمَّنَ جَعَلَ معنى خَلَق فيتعدَّى لواحدٍ نحوَ : { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَاتِ وَٱلنُّورَ } [ الأنعام : 1 ] . قوله : { عِظَاماً } قرأ العامَّةُ " عِظاماً " و " العظام " بالجمع فيهما . وابن عامر وأبو بكر عن عاصم " عَظْماً " و " العظم " بالإِفراد فيهما . والسُّلمي والأعرج والأعمش بإفرادِ الأول وجَمْعِ الثاني . وأبو رجاء ومجاهد وإبراهيم ابن أبي بكر بجمع الأولِ وإفرادِ الثاني عكسَ ما قبله . فالجمعُ على الأصل لأنه مطابِقٌ لِما يُراد به ، والإِفرادُ للجنسِ كقولِه : { وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي } [ مريم : 4 ] . وقال الزمخشري : " وَضَعَ الواحدَ موضع الجمعِ لزوالِ اللَّبْسِ لأنَّ الإِنسانَ ذو عِظامٍ كثيرة " . قال الشيخ : " هذا عند سيبويه وأصحابِه لا يجوزُ إلاَّ في ضرورةٍ وأنشدوا : @ 3405ـ كُلوا في بَعْضِ بطنِكُم تَعِفُّوا … @@ وإن كان مَعْلوماً أنَّ كلَّ واحدٍ له بطنٌ " . قلت : ومثله : @ 3406ـ لا تُنْكِروا القَتْلَ وقد سُبِيْنا في حَلْقِكم عَظْمٌ وقد شُجينا @@ يريد : في حُلوقكم . ومثلُه قولُ الآخر : @ 3407ـ به جِيَفُ الحَسْرى فأمَّا عِظامُها فبِيْضٌ وأمَّا جِلْدُها فصَلِيْبُ @@ يريد : جلودُها ، ومنه { وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ } [ البقرة : 7 ] وقد تقدَّم طَرَفٌ مِنْ هذا . قوله : { أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } فيه ثلاثةُ أوجهٍ . أحدها : أنه بدلٌ مِن الجلالة . الثاني : أنَّه نعتٌ للجلالة وهو أَوْلَى مِمَّا قبلَه ؛ لأن البدلَ بالمشتقِ يَقِلُّ . الثالث : أن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي : هو أحسنُ . والأصلُ عدمُ الإِضمارِ . وقد مَنَع أبو البقاء أن يكونَ وصفاً قال : " لأنه نكرةٌ وإنْ أُضيف لمعرفةٍ ؛ لأنَّ المضافَ إليه عِوضٌ مِنْ " مِنْ " وهكذا جميعُ أَفْعَل منك " . قلت : وهذا بناءً منه على أحد القولين في أَفْعَلِ التفضيلِ إذا أُضيف : هل إضافتُه محضةٌ أم لا ؟ والصحيحُ الأول . والخالقين أي : المقدِّرين كقولِ زهير : @ 3408ـ ولأنتَ تَفْرِيْ ما خَلَقْتَ وبَعْــ ـضُ القومِ يَخْلُقُ ثم لا يَفْرِي @@ / والمميِّزُ لأَفْعَل محذوفٌ لدلالةِ المضافِ إليه عليه أي : أحسن الخالقين خَلْقاً أي : المقدِّرين تقديراً كقوله : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ } [ الحج : 39 ] أي : في القِتال . حُذِف المأذونُ فيه لدلالةِ الصلةِ عليه .